بقلم الدكتور ربيع حسن كوكة
أتى رجبُ الشُّهور وما يليهِ
هنيئاً من تجمّلَ بالفعالِ
لهُ البركاتُ تأتي كلَّ عامٍ
سجلّاً ناصِعاً في كلِّ حالِ
شهر رجب هو أول أشهر الله الحُرُم التي تملأُ الدًنيا بركةً ورحمةً من الله تعالى على خلقه قالَ بعضهم: السَّنةُ مثلُ الشَّجرةِ؛ وشهرُ رجبٍ أيَّامُ تَوْريقِها، وشعبانُ أيَّام تَفريعِها، ورمضانُ أيَّامُ قَطْفِها، والمؤمنون قِطافُها.
والوصية بالاجتهاد بالأشهر الحرم ومنها شهر رجب وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلى المؤمن أن يجتهد في هذا الشهر المبارك بأنواع القربات والطاعات لله تعالى لينال بركاته.
شهر رجب هو شهرٌ يفتحُ للخير أبواباً لارتقاء الإنسان، ويمنح للمَكٔرُمَةٌ أسباباً من جنابِ الرحمن.
إنه شهر فيضٌ من العطاء لا يُحد، ودعاءٌ عند الله لا يُرد.
إنه شهر جبر الخواطر، والبعد عن المخاطر.
شهر رجب شهر الانتصارات الذي يذكرنا بمجد أمتنا ففيه كان تخليص المسجد الأقصى من أيدي الصليبين على يد القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي.
شهر رجب شهر الخوف لأهل الباطل والأمن لأهل الحق حيث يذكر لنا التاريخ أن في هذا الشهر المبارك كانت غَزْوَةُ تَبُوك أو “غزوة العسرة” وهي الغزوة التي خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رجب من العام التاسع للهـجرة.
وكانت هذه الغزوة آخر الغزوات التي خاضها صلى الله عليه وسلم حيث قرر الروم استئصال الإسلام فحشدوا لذلك حشوداً تقدر بأربعين ألف مقاتل ولكن المفاجأة أن المعركة انتهت بلا صدام أو قتال لأن جيش الروم تشتت وتبدد في البلاد خوفًا من المواجهة؛ لقد حققت هذه الغزوة الغرض المرجو منها حيث انتصر المسلمون دون قتال، وأخلى الروم مواقعهم وخضعت إمارة دومة الجندل، وإمارة إيلة (مدينة العقبة حاليًا) للحكم الإسلامي المتسامح وكتب رسول الله لهم كتاباً حدد فيه ما لهم وما عليهم، وتميزت غزوة تبوك عن سائر الغزوات بأن الله حث على الخروج فيها – وعاتب وعاقب من تخلف عنها – والآيات الكريمة جاءت بذلك، في قوله تعالى: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٤١﴾ [التوبة:41]
شهر رجب شهر اغتنام الزمان بالأعمال الصالحات، واهتمام الإنسان بالأفكار الراجحات.
فجديرٌ بمن ملأ صحيفتَه بالذُّنوبِ أن يُبيِّضَها بالتَّوبةِ لعلّام الغيوب.