تأملات رمضانية: المَعاني والتقسيم الزَماني

بقلم: الدكتور ربيع حسن كوكة

مثل المسـافرِ في تقسيمِ رحلَتَــهُ

قد قَسّـــــمَ الناسُ أوقاتاً وأيامــا

ورحلة النورِ في شهر الصيامِ كذا

قد قســـــموها ليمحُ الصبرُ آثاما

تعارف الناس على تقسيم شهر رمضان المبارك إلى ثلاثة أثلاث، وهي أول عشرة أيام من رمضان، والعشر الأوسط من رمضان، والعشر الأواخر من رمضان.

وسبب ذلك التقسيم ما ورد من أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك قول السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَجْتَهِدُ فِي رَمضانَ مَالا يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ، وَفِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ منْه مَالا يَجْتَهدُ في غَيْرِهِ” رواهُ مسلمٌ.

ففي منطوق الحديث تصريحٌ بذكر العشر الأواخر، وبالتالي يُعرف من مفهومه أن هنالك عشرٌ أوائل وعشرٌ أواسط.

ودرج بعضُ الناس على إطلاق تسميةٍ على كل عشرٍ من هذه العشرات الثلاثة؛ فالأولى: عشرُ الرحمة، والوسطى: عشر المغفرة، والأواخر عشر العتق من النار.

ولعل ذلك ناجمٌ عن فهمٍ لحديثٍ نبويٍ آخر وهو حديث طويل عن الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن شهر رمضان: ( … وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار.) والحديث رواه ابن خزيمة في صحيحه. وقد ضعّفه بعض المحدثين فمنهم من قال بأن الحديث يحصر الرحمة في عشر، والمغفرة في عشر، والعتق في عشر ، ورحمة الله تعالى ومغفرته لا تنقطع، وعتقه لعباده من النار موجود على الدوام.

ولعل فهمهم لمعنى الحديث لم يكن على النحوِ الصحيح وذلك الفهم قادهم للحكم على معناه بالضعف.

ولقد وجدت أن الحديث لم يعطِ تقسيماً لأيام شهر رمضان من خلال معاني الرحمة والمغفرة والعتق من النار؛ بل إن جميع هذه المعاني موجودة في كل لحظات شهر رمضان، فرحمة الله واسعه تستوعب كل المخلوقات، ومغفرته عظيمة تشمل كل العباد، كما أن العتق من النار مرهون بإرادته سبحانه فلا يقيدها وقت من الأوقات. وقد ورد في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة) رواه الترمذي. أي في كل ليلة من ليالي رمضان.

وإذا تأملنا في حروف اسم شهر رمضان سنقف على تفصيلٍ بديعٍ لهذا الحديث النبوي الشريف ( أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتقٌ من النار).

إذ أن اسم شهر رمضان ينقسمُ إلى تلك الأقسام الثلاث وبيان ذلك أن

الراء في أوله تشيرُ إلى الرحمة. والميمُ تشيرُ إلى المغفرة. والضاد تشيرُ إلى الضياء. والألف تشيرُ إلى الأمان. والنونُ تُشير إلى النجاة.

فأول حروف من اسم هذا الشهر الكريم “رمضان” رارء الرحمة، وأوسطها ميم المغفرة، وآخر ثلاثة حروف “ضاد” الضياء  الذي يهدي لطريق “ألف” الأمان فيُنتجُ “نون”  النجاة. وهي العتق من النار.

إذاً ففي كل لحظةٍ من لحظات شهر رمضان تجتمع الرحمة والمغفرة والضياء والأمان والنجاة.

فالحديث إذاً لا يحصر الرحمة في عشر، والمغفرة في عشر، والعتق من النار في عشر. بل يّترجم اسم هذا الشهر المبارك.

======

‏تابع قناة صحيفة الجماهير في واتساب

https://whatsapp.com/channel/0029VaAVqfEFcowBwh1Xso0t

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار