خيرُ الكتب في خير الليالي ..فلنكن به خَيرَ أمة

  •           د. محمود عـكام – مفتي حلب

      في ليلة القدر مِنْ شهر رمضانَ أنزل الله القرآن، فبه ومن أجله كانت تِلكم الليلة ليلةً عظيمةً شريفةً مقدسة، قدّر الحكيمُ العليمُ فيها أن يكون للإنسان كتابٌ، فيه نبأ ما قبل، وخبرُ ما بعدُ، وحُكم الذي هو بين الإنسان، هو الفصلُ وحاشا أن يكون هزلاً، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله، وهو حبل الله المتين، وهو الصراط المستقيم .

فهل عرفتَ ماذلك القرآن أيها المسلم الإنسان؟؟

    إنه دليلك الهادي إلى سعادة الدنيا وفلاحِ الآخرة، وهما مَطلبان مُلِحان ومنشودان يجدّ الإنسان في تحقيقهما، والوصول إليهما.

نعم. إنه الدليل الذي لا بد منه لتتعرف فيه على وصفِك ووظيفتك، فاسمع مني رعاك الله:

أليس هناك كتابٌ يدعى الدليل ” كتالوج” يُعطى مع كل آلة أو مصنوع، يكتبُه الصانعون، ويسطره الخبراء المخترعون، ويَجدُ مَن يقتني هذه الآلة في هذا الكتاب المرافق وصفاً لها – أعني للآلة – وطريقة تشغيلها وعملها، والمقتني بين الفينه والأخرى يتأكد من سلامةِ موقفه مع الآلة بالرجوع إلى هذا الكتاب؟!.

أليس هذا ما يكون؟!.

إذا كان كذلك فهل فكّرت في كتاب من ربك تقرأ فيه وصفك ووظيفتك، لأنك مصنوعٌ أرقى، سوّاه صانع أعظم، أم حسبت أنك خُلقتَ عبثا وأن لا كتاب يُرشدُك معك؟!.

حاشك ربي! لقد أنزلت الكُتب، وأرسلت الرُسل، وأقمتَ الحجّة فقلت :

( إنا أنزلناه في ليلةِ القدر.. وما أدراكَ ما ليلةِ القدرِ ).

وقلت : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزلَ إليكَ من ربكَ )

لأن هذا الذي تبلغه الناسَ، يا محمد، يَهديهم للتي هي أقوم في الدنيا والآخرة :

( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملونَ الصالحاتِ أن لهم أجراً كبيراً ).

وليكن موقفُك مع التنزيل :

تلاوةً : تُعنى باللفظ وصورة الكلمة .

وقراءةً : تتوجّه إلى المعاني والدّلالات.

وتدبّراً : يعني في النهاية تطبيقاً لما تَلوتَ وقرأت.

وبالتلاوة والقراءة والتدبر تغدو إنساناً رفيعَ المستوى، عالماً فاهماً داعياً خَيّراً، تُدركُ المعروف وتأمرُ به، وتحدّد المنكر وتنهى عنه، وتؤمنُ بالله حقّ الإيمان، لأنه هداك بالقرآن، وهداية القرآن هدىً للذات: ( قل للذين أمنوا هُدىً و شفاء) .

وهُدىً للآخرين :

( ونزلنا عليكَ الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمةً وبشرى للمُسلمينَ) .

( ولقد جئناهم بكتابٍ فصلناه على علمٍ هُدى ورحمةً لقومٍ يؤمنونَ).

والعملُ بهذا القرآن رفعةٌ لمن يعملُ به، وهَجرة سَببٌ للوضاعة والضياع:

( إن الله يرفعُ بهذا الكتاب أقواماً ويَضعُ به آخرينَ) أخرجه مسلم .

كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و( إنّ الذي ليسَ في جوفه شيءٌ من القرآن كالبيت الخَرب ) الترمذي كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أيضاً.

فاللهم اجعل القرآن ربيعَ قُلوبنا، وجلاءَ أحزاننا، وذَهابَ هُمومنا، واجعله والصيام شفيعين لنا يوم نلقاكَ، يا رب العالمين.

======

‏تابع قناة صحيفة الجماهير في واتساب

https://whatsapp.com/channel/0029VaAVqfEFcowBwh1Xso0t

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار