الرِّفق: حاجتنا الدائمة

بقلم: الدكتور ربيع حسن كوكة

الرفقُ مُعتبرٌ في كلِّ آونةٍ

فكُن رفيقاً يُماشيكَ السّرورُ غدا

ما أسعدَ المرء يهدي صحبَهُ خُلقاً

ويستعيدُ وداداً كُلّما فَقَدا

الرّفق ضد العنْـ.ـف، وهو لِين الجانب ولَطافةُ الفعل، والتأني والنظر في عواقب الأمور، وإذا تأملنا بحروف الرّفق يمكن أن نستنتج من خلالها صفة المرء الذي يتمتَّع بهذا الخُلق العظيم، فراء الرّفق: رأفة ورحمة، وفاؤه فكر وفهم، وقافه قدرة وقُرب، فمن امتلك قلباً رؤوفاً رحيماً، وعقلاً مفكراً فهيماً، ومَلَكَةَ القربِ مع القُدرة فذلك الرّفيق.

لذلك كان أعظم الرّفقاء ربنا سبحانه، فهو الرؤوف والرحيم والحكيم والقريب والقادر، ولذلك أيضاً كان الرّفق من الممارسات التي يُحبها الله تعالى؛ فقد ورد في الحديث قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله رفيقٌ يحب الرّفق، ويعطي على الرّفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه) رواه مسلم ، ومعنى الشطر الثاني من الحديث: أن النتائج التي تتمخّض عن الرّفق في معالجة الأُمور هي أعظم بكثيرٍ من النتائج التي تظهرُ بالعُنـ.ـف، وليس ذلك بغريب إذ كلُّ ما في الرّفق من الخير ففي العنف من الشرّ مثله.

والرّفق المحمود عند العقلاء هو الذي يقوم مقام الوسط بين العنف واللين كما في سائر الأخلاق، وإن كان العنـ.ـف في محله حسناً كما أن الرّفق في محله حسن، والحاجة إلى العنـ.ـف قد تقع ولكن على الندرة، وإنما الإنسان العاقل من يميز مواقع الرّفق عن مواقع العـ.ـنف فيعطي كل أمر حقه فإن كان قاصر البصيرة أو أشكَلَ عليه حكم واقعة من الوقائع فليكن ميله إلى الرّفق أكثر فإن الخير كلّه في الرّفق.

فيا كلّ إنسان يقرأ هذه السطور، هي دعوة لنكون رفقاء رحماء فيما بيننا، إذ بهذا الرّفق ننال استحقاق السيادة والكرامة، ونمتلك مفتاح النجاح.

العجول مخطئ وإن مَلَك، والمتأني مصيب وإن هَلَك، لا تستعجل، ولا تحكم على الأشياء بسرعة، ولا تطلب مرادك بتسرّع؛ إذ من تأنّى نال ما تمنى، تأنَّ ولا تتخذ من التأنيـ.ـب والتعنيـ.ـف نهجاً في الحياة. وقد قيلَ أن يد الرّفق تجني ثمرة السلامة، ويد العَجَلة تغرس شجرة النَّدامة، وأنشدوا في ذلك:

قد يُدْرِكُ المتأني بعضَ حاجتِهِ

وقد يكونُ مع المستعجل الزَّلَل

الحياة كتابٌ نكتبه؛ لذلك يجب علينا أن نخطَّ حروفه برفقٍ لنحظى بحياةٍ سعيدة، وأما إن كُتبت تلك الحروف بعنف فالأمر لا يُبشّر بالسّعادة، أختم بقول القائل: ما أحسن الإيمان يُزَيّنه العلم، وما أحسن العلم يزينه العمل، وما أحسن العمل يزينه الرّفق.

========

‏تابع قناة صحيفة الجماهير في واتساب

https://whatsapp.com/channel/0029VaAVqfEFcowBwh1Xso0t

»»»»»

قناتنا على التلغرام:

https://t.me/jamaheer

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار