د.سعد بساطة
تعودت صحيفة “الجماهير” من خلال كتابها (وأفتخر أنني احدهم) على الصدق والموضوعية؛ وقد استقبلت ببيتي ثالث أيام العيد مجموعة مختارة من الأصدقاء؛ وتنوعت الموضوعات التي أثارها الحضور لتستقر على الوضع المؤسف للمقابر لحلب. إثر نشر مقالتي تحدث معي هاتفياً أ. جهاد الجمعة [مدير مكتب دفن الموتى]؛ واتفقنا على زيارة عمل لتوضيح الوضع الراهن؛ وهكذا كان… لذا أعرض نتاج الحديث الصريح والعفوي معه؛ ولا أكتمكم أنني كنت مسروراً للزيارة ؛ فقد وجدته شخصية راقية تتحدث عن شؤون وشجون العمل بكل شفافية.
بداية” أسجل نقطة إيجابية لصالح المكتب الذي: قرأ المقال عن أوضاع جبانات حلب؛ واهتم بما سردناه؛ واتصل بي للإيضاح…واقتطع من وقته زهاء ساعتين تحدث فيها عن وضع “موتى حلب”!
دعونا نوضح أنه بالرغم من رهبة الموت؛ وهيبة الوضع إلا أن المكتب يعاني من مشكلات ونواقص؛ شأن أية مؤسسة في دولة مرت بها حرب ضروس طويلة ويتعرض لضغوط اقتصادية واختناقات مادية.
بدأ الأستاذ جهاد بتوضيح أنه من زهاء سنتين؛ استلم إدارة المكتب.. وبواقع الأمر فقد ورث تركة مؤلمة من [١٤] مقبرة في حلب؛ مر عليها مسلحون وخربت مراراً ؛ وقد آلى على نفسه أن يترك بصمة في مكان عمله. فهو وجل كوادره يعملون ٧ أيام بالأسبوع؛ من الصباح الباكر. وحتى الغروب. لا يبالون: أعياد ووقفات وكوارث وزلازل!
لمن يحب أن يستزيد، فمقابر حلب هي: الإسلامية الحديثة؛ جبل عضام؛ عرابي؛ الصديق (ثكنة هنانو)؛ الشيخ يوسف والشيخ سعود والشيخ جاكير(شرق وغرب)؛ القطانة؛ الرمضانية؛ السفيري؛ الوسطانية؛ الصالحين؛ المغايرة؛ الكليماتي(مستملكة حالياً لإقامة حديقة في باب قنسرين: مغلقة وتحت تصرف الآغاخان)؛ كرز زادة(كراج شرقي).
وحيث أن الشيء بالشي يذكر فهي [عدا الإسلامية الحديثة؛ تنوء بمن تحت ترابها]؛ لذا رفعت بلدية حلب رسوم الدفن فيها من ٥٠ الف ليرة تدريجياً إلى مليون ل.س؛ لا لجباية الأموال بل لتحسين الوضع (الحديثة: فقط ٣٠٠ ألف ل.س: قبر؛ كفن؛ عطر؛ تغسيل؛مقريء؛ السيارة: والكلفة بالواقع اكثر.،، ولكن تتحملها بلدية حلب).
في السنة الأخيرة: تم بناء أسوار المقابر المهدومة؛ وتزويدها بأبواب حديدية؛ وإزالة العشب _سبب الحرائق _ مع لوحات للدلالة ومناهل مجانية.
وهنالك من يتحدث (بالأحرى يتشدق) حول قلة وتهالك سيارات المكتب؛ وواقع الأمر عددها سبع ويتم تجديد كل واحدة منها بالدور – رغم الميزانية المضغوطة والظروف الصعبة_ ؛ وهناك سيارتان جديدتان نسبياً عمرها سبع سنوات.
يؤكد أ. جمعة حقيقة أنه بفضل الانضباط الذاتي و الرقابة الشديدة والمستمرة فليس هناك أياً من الموظفين أو التربيين يقبلون المال تحت الطاولة.
هنالك أزمة حقيقية: قلة الموارد؛ يد عاملة؛ الآليات؛ وضغوط المواطن [فالحياة هي حالة حزن وإرباك].
أما عن تكسير الشواهد: فالزمن؛ وتخريب المسلحين خلال الحرب؛ والعوامل الجوية تتسبب بذلك. وقد يتسبب بذلك بعض الصبية سهوا”.
ظاهرة انتشار المتسولين: بكل اسف هذا حال غالب أحياء المدينة؛ وهي مسؤولية الشرطة والشؤون الاجتماعية.
الروائح الكريهة: غالبيتها بسبب الحر ورمي البعض _ بدون شعور بالمسؤولية_ أحشاء الضحية في أرجاء المقابر؛ فتتسبب بالحشرات والروائح.
تم تشكيل لجنة من الأوقاف؛ مهندسين من مجلس المدينة؛ بغية وضع مواصفات للقبر. ونوع البلوك المستخدم؛ وطريقة إغلاقه[ لن أخوض بتفاصيلها]..ويتم تنفيذ توصياتها بدقة.
وهنالك متابعة يومية من السيد رئيس مجلس المدينة د.معد مدلجي؛ للتوجيه بشأن جودة الأداء.
ختمت اللقاء بتساؤل طريف” هل يمكن لمكتب دفن الموتى: ضمان الجنة للميت؟”؛ فأجاب عليه بجدية ((هذا شأن رب العالمين)). وأضاف مشكوراً: أهيب بكل مواطن وذي شأن وصاحب شكوى أن يتواصل على رقم المكتب أو رقمي الخاص((0981096072))؛ ونحن مستعدون للسماع والتلبية.
فهل بقي بعد ذلك زيادة لمستزيد ؟!
========
تابع قناة صحيفة الجماهير في واتساب
https://whatsapp.com/channel/0029VaAVqfEFcowBwh1Xso0t
»»»»»
قناتنا على التلغرام: