عبد الكريم عبيد
سورية ومنذ عشرات السنين هي الأبرز والأكثر تداولاً على وسائل الإعلام وألسنة المحللين السياسيين لأنها تاريخياً وحضارياً هي الأعرق وحتى الآن تتصدر المعادلات الاستراتيجية في المنطقة, وإذا أردنا الخوض في غمار هذه المعادلة وعراقتها كون دمشق أقدم مدينة مأهولة في التاريخ فإن المقام لا يتسع لذلك.
إلا أن الحضور السياسي والإعلامي تفاعل أكثر خلال الهجمة الإرهابية والحرب الكونية التي فرضت على سورية والسوريين وقد أخذت أشكالاً وأبعاداً متنوعة لكنها في المجمل هدفت لإسقاط الدولة السورية بمؤسساتها العسكرية والأمنية وحتى الخدمية وبالنتيجة تحويل سورية بمكوناتها إلى دولة فاشلة وبالتالي الدفع بها إلى مهاوٍ مجهولة.
إلا أن حساب السوق كما يقال لم ينطبق على الصندوق حيث أنه ومنذ آذار عام 2011 جيّش العالم إرهابيين من أكثر من مئة وعشرين دولة بعد أن دُرِّبوا ومُوِّلوا بالسلاح, وسخّروا ما يزيد عن ثمانين قناة فضائية وإذاعات وصحف ومجلات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لضرب تماسك الشعب السوري وإضعاف ثقته بقيادته وجيشه ومؤسساته إلا أنه ورغم قساوة هذه الحرب وشدّتها التي وصلت إلى محاربة المواطن بلقمة عيشه وحليب أطفاله نقول رغم ذلك كان الشعب السوري أكثر عزماً وصلابة وإرادة على نبذ كل عناصر التطرف والفتنة والطائفية والعرقية وذلك بالوعي الذي تسلح به وحبه لأرضه ووطنه وتاريخه وحضارته التي يفاخر بها العالم.
اليوم وبعد ما يزيد عن العشر سنوات العجاف من القتل والدمار وهدر دماء الشعب السوري والدفع به إلى مزيد من المعاناة والفقر وسرقة مقدراته من قبل الأمريكان والمجموعات الإرهابية المتحالفة معها وفشل كل المشاريع الاثنية والعرقية; يعود العالم إلى دمشق طارقاً أبوابها, مقدّماً فروض الطاعة ووفق الشروط السورية لعودة العلاقات مع الكثير من الدول التي بدأت تباعاً بتعيين سفراء وإقامة علاقات دبلوماسية مع دمشق.
والسؤال … هل هي صحوة الضمير العالمي تجاه سورية … وهل يريد العالم أن يصحّح خطأه ويكفّر عن ذنبه وما اقترفه بحق الشعب السوري من جرائم وحصار بالدواء والطعام والمساعدات والطاقة والوقود وحتى حليب الأطفال … هل الغرب “المتحضر” وأمريكا شعروا بتأنيب الضمير ..؟؟
بتقديري لا هذه ولا تلك … !!
القصة تعود لأهمية موقع سورية الاستراتيجي الذي تبوّأته منذ فجر البشرية ووقوعها على طرق التجارة العالمية بين القارات … شعب عريق منتج يستند في تاريخه إلى عراقة أرضه ووطنه التي باركها الله عبر رسالاته السماوية.
القصة قصة عراقة شعب تكالب عليه العالم وأراد أن ينزعه من جذوره إلا انه فشل فشلاً ذريعاً وذلك جرّاء صمود الشعب الذي ظلّ مؤمناً وبشكل يقيني أن الحق معه والتاريخ له وثمار الانتصار ستكون من نصيبه مهما عظمت المأساة وكبر حجم المعاناة لأن منطق الحق والتاريخ والعدالة يؤكد ذلك ..
وختاماً نقول … عودة ميمونة إلى دمشق الصامدة الصابرة القابضة على الزناد …