بقلم الدكتور ربيع حسن كوكة
روح التطوّرِ والإصرارُ والعملُ
تسمو بأيامنا يربو بنا الأملُ
وليس يدهمنا يأسٌ فيمنعنا
عن الوصولِ لغايات ونحتفلُ
دارت خواطر العمل والتطوير في رأسي عندما سمعت كما سمع الجمبع في وطني موعد انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الشعب بعد انتخابه مؤخراً، ولعله من الممكن أن أجهر بها فأقول: منذ أن وُجدَ الإنسان على هذه الأرض وهو يبذل الجهد ويعمل ويسير في طريق التطوّر والارتقاء من خلال ما يكتسبه من خبرة في هذه الحياة.
ولقد حضّ الله تعالى الإنسان على التفكير والعمل والتطوير، وجميع الرسل الذين جاؤوا يدعون الناس لعبادة الله الواحد إنما حملوا في رسالاتهم بذور التطوّر والارتقاء -المادي والروحي على حدٍّ سواء –
ويوجد في القرآن الكريم مئات الآيات التي تدعو الإنسان إلى التفكر في آلاء الكون والعمل والسعي الجاد لعمارته وتطويره. من ذلك قوله تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسولُهُ والمؤمنون) سورة التوبة: 105.
وكذلك هي الأحاديث النبوية الشريفة التي تحضّ الإنسان على العمل والاجتهاد وعدم الركون إلى الكسل والخمول. من ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم: (احرص على ما ينفعك؛ واستعن بالله ولا تعجز).
لذلك فإن التطوّر سُنّةً كونيةً تتلاءم مع الظروف التي يعيشها الإنسان، بمعنى أن التطوير يكون وفق حاجة الإنسان والمجتمع؛ فالحاجة أم الاختراع.
وإذا استقرأنا مسيرة الإنسان في هذا الكون الكبير سنجد عنوانها الرئيس هو العمل والتطور والبحث عن حياة أفضل.
وللتطوّر أسباب عديدة ودوافع كثيرة، منها ما كان نتيجةً طبيعيةً للدراسة والبحث العلمي الدقيق الذي تنقل من الأفكار إلى الأبحاث إلى الأعمال التطبيقية، فمثلاً لولا الفكرة والخيال العلمي فيما يخص وصول الإنسان إلى القمر لما شاهدنا ذلك بشكلٍ حقيقي عبر تلك الصواريخ الضخمة وآلة الفضاء المتطوّرة.
ومن التطوّر ما كان ردّة فعلٍ دؤوبة على حالٍ من الضعف والبؤس، نجد مثال ذلك في اليابان التي خرجت من الحرب العالمية منهكة ضعيفة فقيرة ولم يمر عليها أكثر من ثلاثة عقود حتى أصبحت من أعظم الدول التكنولوجية والصناعية.
ولعلنا في وطننا الحبيب سورية ننهض في متابعةٍ لمسيرة التطور، أقول متابعة لأننا وصلنا قبل المؤامرة والحرب الكونية على وطننا إلى مكانةٍ مرموقة لا يمكن أن يُنكرها أحد، فقد خلع هذا الوطن نير الاستعمار عبر ثوراته وتدرّج في الترقي الحضاري وخاض شعبه العظيم معارك الشرف ليتبوّأ المكانة المرموقة التي وصل إليها.
لعل الأوان قد آن لنتابع ذلك التطور والارتقاء بمنظومتيه المادية والقِيَمية. التكنولوجية والروحية.
لنطوّر الحياة والكون من خلال: التفكير لا التكفير؛ من خلال التغيير لا التعيير، من خلال الترشيد لا التقييد.
ويحضرني في الختام مقولة الحكيم الصيني الكبير كونفوشيوس والتي ترسّخ المعنى المُتقدم حيث قال: “ما دمت لا تتوقف، لا يهم إن كنت بطيئاً في سعيك”.