الجني خارج المصباح السحري!

د . سعد بساطة

ما فتئت وسائل الإعلام بين الفينة والأخرى تتحفنا بجداول إحصائية تعرض فيها أغنى أثرياء العالم؛

وارقاماً أخرى توضح أعلى دول العالم من ناحية الدخل ناسية / متناسية أن تلك التي تعرضها لا تعدو أرقاماً مجردة.. وأن ما يختبئ في جوفها من حقائق هو الأهم! ما لذي أعنيه؟

لو أن دخل دولة ما (سكانها مليون نسمة) هو تريليون دولار بفضل الغاز الطبيعي (مثلاً)، هذا لا يعني بالضرورة أن مدخول كل مواطن هو مليون دولار؛ ففي أرض الواقع نرى التفاوت بين الغنى الفاحش والفقر المدقع.. الألوف من الأسر تعيش على ٣٠٠ دولار شهرياً والنزر اليسير من الباقين يتمتع بملايين ” مملينة “.. وكلما زادت الفجوة في المجتمع بين أعلى ثراء وأخفض فقر؛ تزداد الجـ.ـرائم وتتفشى الآفات الاجتماعية المختلفة..

يقوم برصد تفاوت الدخل مقياس يدعى ‘معامل جيني’

Gini coefficient

وينسب للعالم كورادو جيني ( عالم إحصاء إيطالي أطلق نظريته عن توزيع الدخل) وهو  من المقاييس الأكثر شيوعا في قياس عدالة توزيع الدخل القومي، ويمتاز بأنه يعطي قياسا رقميا لعدالة التوزيع، وتتلخص فكرته بحساب المساحة المحصورة بين منحنى لورنز وبين خط المساواة ، لذا فإن معامل جيني ينحصر بين الصفر والواحد، حيث يكون صفرا عندما يكون حينئذ توزيع الدخل متساويا لجميع أفراد المجتمع (التوزيع الأمثل للدخل)، بينما يكون معامل جيني مساويا للواحد وفي هذه الحالة يكون توزيع الدخل في أسوأ أحواله، أي أنه كلما كانت قيمة معامل جيني صغيرة كانت عدالة توزيع الدخل أفضل.

عدم المساواة في توزيع الدخل والثروة من إحدى الحقائق والثوابت الاقتصادية على مر العصور، لكنها قد تسوء في بعض الدول أكثر من بعضها، كما أنها تتأثر بمرور الزمن وبالأحداث والأنظمة والتطورات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتقنية. يبرر الجهد والمهارة والكفاءة والعمل وتحمل المخاطر والإرث مستوى معينا من تباين الدخول والثروات بين البشر داخل الدول، لكن جزءا كبيرا من سوء توزيع الدخول والثروات يعود إلى عوامل وممارسات ممقوتة، كالفساد واستغلال النفوذ والتمييز والاحتكار والجـ.ـريمة.

مثلا” بالجزائر قيمة جيني  0.35 بينما في أرجنتين 0.46

يحكى أنّ الأمير عبد الله بن جعفر كان على فرسه، فتعرض له رجل في الطريق، فتمسك بعنان فرسه وقال: سألتك بالله أيها الأمير أن تضرب عنقي! فبهت عبد الله وقال: أأحمق أنت؟

قال: لا ورأس الأمير، قال له: فما الخبر؟ قال: لي خصمٌ لدود، قد لزمني، وضيَّق عليَّ وليس لي به طاقة!

قال له الأمير: ومن خصمك؟ قال: الفقر!

فالتفت عبد الله إلى خازنه وقال: ادفع له ألف دينار، ثم قال له: يا أخا العرب، خذها، وإذا عاد إليك خصمك متغشِّمًا فأتِنا متظلِّمًا، فإنّا منصفوك منه إن شاء الله.

تساؤل؛ هل يا ترى المال يستر رذيلة الأغنياء، والفقر يغطي فضيلة الفقراء.؟

ـــــــــــــــــ

‏تابع قناة صحيفة الجماهير في واتساب

https://whatsapp.com/channel/0029VaAVqfEFcowBwh1Xso0t

»»»»»

قناتنا على التلغرام:

https://t.me/jamaheer

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار