العطاء والتكافل في ذكرى مولده

بقلم الشيخ الدكتور ربيع حسن كوكة

 

لا تقطعن عادة الإحسان عن أحدٍ

ما دمتَ تقدر فالأيام تاراتُ

وأذكر فضيلة صنع الله إذ جعلت

إليك لا لك عند الناسِ حاجاتُ

 

يهتمُّ الناس بالاحتفال بمولد الرسول الأكرم رسول الهُدى والرحمة والسلام صلى الله عليه وسلم بأساليب عديدة منها إقامة الاحتفالات ومنها الدعوة للمآدب، ويستقدم البعض فرقاً إنشادية بمبالغ باهظة لإحياء حفلة المولد.

 

على أنني أجد أن تُضاف إلى تلك الاحتفالات لفتاتٌ سخية من الأغنياء تمسح الحزن عن عيون الفقراء؛ تعاون مبارك من القادرين يرفعُ البؤس عن المحتاجين وهذا من الأمور التي تُرضي الله وتُسعد رسوله صلى الله عليه وسلم بدليل الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال:

كُنَّا عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في صَدْرِ النَّهَارِ فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ، مُجْتَابِي النِّمَارِ  – أي ثيابهم بالية مهترئة – مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِن مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِن مُضَرَ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِما رَأَى بهِمْ مِنَ الفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فأمَرَ بلَالًا فأذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقالَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} إلى آخِرِ الآيَةِ {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، وَالآيَةَ الَّتي في الحَشْرِ: {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ} [الحشر: 18]، تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِن دِينَارِهِ، مِن دِرْهَمِهِ، مِن ثَوْبِهِ، مِن صَاعِ بُرِّهِ، مِن صَاعِ تَمْرِهِ، حتَّى قالَ: ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ، قالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ بصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قدْ عَجَزَتْ، قالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِن طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ كَأنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَن عَمِلَ بهَا بَعْدَهُ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أُجُورِهِمْ شَيءٌ، وَمَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كانَ عليه وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَن عَمِلَ بهَا مِن بَعْدِهِ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أَوْزَارِهِمْ شَيءٌ.

 

فيامن تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تُريد أن يتهلل وجههُ الشريف بفعلِك؟ فلتفعل كما فعل الأصحاب الكرام.

 

تأتينا ذكرى المولد النبوي الشريف في هذه الأيام وقد تكاثرت حاجة الناس إلى يدٍ للعون تمدُّ لتساندهم وترفع عنهم ما حلّ بهم من كروب، غلاءٌ قضّ المضاجع ونداءاتٌ ولا منصتٍ أو سامع.

 

تعالوا يا أبناء وطني لنفعل كما فعل أولئك الرجال الذين رسموا لنا لوحةً رائعةً من العطاء  والتعاون والتكافل الإنساني.

 

أمرنا ربنا سبحانه بحسن التعاون فيما بيننا فقال سبحانه: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [سورة المائدة:2]

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه ) رواه مسلم.

 

لنكن جميعاً يداً واحدةً ممدودةً لعون بعضنا، ولنبتهل لربنا سبحانه أن يخرجنا من هذه المحنة إلى منحة ربانية من لدنه تُضَمّد الجروح وتعمّر البيوت وتمسح عن بلادنا الكرب والآلام.

 

ـــــــــــــــــ

‏تابع قناة صحيفة الجماهير في واتساب

https://whatsapp.com/channel/0029VaAVqfEFcowBwh1Xso0t

»»»»»

قناتنا على التلغرام:

https://t.me/jamaheer

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار