بقلم الدكتور ربيع حسن كوكة
إذا لـم يقـمْ كُـلٌّ بِـدورٍ يجيدُه
فليس لهم إلا الهزيمة والفشلْ
نـجـاحُ أمـانـينـا نَـراهُ بِـعـيننـا
إذا رافـقـتـنـا الإرادةُ والعـمـلْ
المسؤولية قيمة أساسية تقوم عليها المجتمعات وتتجلى في أفعال الأفراد تجاه أنفسهم ومجتمعهم. إنها التزام بتحمل نتائج الأفعال والقيام بالدور المناط للإنسان بكل صدق وحرص، بصرفِ النظر عن الظروف.
وهي قيمةٌ ضرورية ليس فقط لتحقيق النجاح الشخصي والمجتمعي، بل لتحقيق النجاح الأخروي أيضاً، يقول الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {وقفوهم إنَّهُم مسؤولون} [الصافات، الآية ٢٤] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤكداً على هذا المعنى:(كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» متفق عليه
إن الالتزام بأداء الدور الموكل للفرد بصدق وإخلاص جزءاً أساسياً من المسؤولية. فالآباء، على سبيل المثال، يتحملون مسؤولية تربية أبنائهم وغرس القيم في نفوسهم، وهي مهمة تتطلب تفانيًا وتضحية.
إن عدم الإحساس بالمسؤولية هو بذرة الفساد الأولى وهو السبب في الفشل، فكل واحد ينتظر أن يبدأ غيره، وفيما يحكى في هذا السياق أن إحدى القرى أصابها قحطٌ في سنة من السنين، فطلب الوالي من أهلها إحضار كوب من اللبن ووضعه في قدر كبير بوسط القرية، بشرط أن يضع كل شخص كوبه ليلاً دون أن يراه أحد.
في الصباح، اجتمع أهل القرية حول القدر، لكنهم فوجئوا بأنه مليء بالماء فقط! فقد ظن كل فرد منهم أن وضع كوب ماء بدلاً من اللبن لن يؤثر، معتقدين أن الآخرين سيجلبون اللبن. وهكذا، لم يضع أحد اللبن.
هذا التصرّف كان درساً خلاصته أن الاعتماد على الآخرين دون حمل المسؤولية الشخصية يؤدي إلى الفشل.
إن المسؤولية التزام أخلاقي وإنساني يضفي على حياة الأفراد قيمة ومعنى. إنها القدرة على النهوض بالأعباء، والاعتراف بأخطائنا، والاستعداد التام لتحمل نتائج أفعالنا. فالمجتمعات الناجحة هي تلك التي تعتمد على أفراد يلتزمون بمسؤولياتهم بإخلاص، سواء في العمل، أو المنزل، أو المجتمع ككل.
ولعل أعظم يوم في حياة الفرد هو اليوم الذي يقرر فيه تحمل المسؤولية عن أفعاله كافة، حيث تبدأ عندها رحلته نحو النجاح وتحقيق الذات.
إن تحمل المسؤولية ليس خياراً، بل هو واجب أخلاقي يؤسس لمجتمع أكثر تقدماً واستقراراً.