الجماهير || عتاب ضويحي
نظمت جمعية سور للتراث الثقافي في حلب بالتنسيق مع الأمانة السورية للتنمية محاضرة بعنوان “رؤى جمالية لأوابد أثرية” قدمتها الدكتورة المهندسة المعمارية مروة مارديني، في منارة حلب القديمة.
قدمت الدكتورة مارديني تحليلاً جمالياً لأوابد أثرية حلبية متنوعة الوظائف “سكنية، خدمية، دينية”، فمن حيث السكن استعرضت المحاضرة جماليات البيت الحلبي بدءاً من الأحواض المائية البسيطة الشكل والغنية بالنوافير، كما قامت بتحليل للسجادات الرخامية الموزّعة في أرضية فِناء البيت الحلبي والتي تعكس وظيفة كل فراغ واقعة أمامه وذلك بتنوع تشكيلها وزخارفها، و الفتحات وطرق توزيعها ومدى إسهام غناها الزخرفي بالتأكيد على مداخل الفراغات أو على العناصر المهمة.
ثم انتقلت للحديث عن الإيوان الذي يطغى بارتفاعه الشاهق على فراغات البيت الأخرى، ويحظى باهتمام بالغ عن طريق مراعاته للمقياس الإنساني، والزخارف التي تم توظيفها كمعالجات جمالية.
إضافة لتحليل القاعة في البيت الحلبي، وهي المكان المخصص للضيوف، قاعة غنية بالإكساء الخشبي والزخارف الملونة والأسقف الخشبية أو المقببة.
أما الأبنية الخدمية قدمت الدكتورة مارديني تحليلاً جمالياً لبيمارستان أرغون وحمام يلبغا، حيث امتاز كل منهما بغنى المدخل والواجهات الخارجية على عكس الفراغات الداخلية وواجهاتها البسيطة عموماً، موضحة أن السبب في هذه المعالجة تخصيص هذه الأبنية لأداء وظيفة معينة.
ومثالاً عن الأبنية الدينية سلطت المحاضرة الضوء على جامع الأطروش، ويعد من أهم مساجد العصر المملوكي في حلب، وبخاصة جماليات واجهاته الخارجية التي تمتاز بالتجاويف الرأسية الغنية بدورها بالعناصر التزيينية التفصيلية، إلى جانب جماليات مدخل جامع الأطروش، مستعرضة الحركة البصرية لمئذنته.
أما جامع العادلية والكلام للمحاضرة يمتاز بقبته الكبيرة الحجم والتي تتوزان مع مئذنته الشاهقة الارتفاع، محللة جمال النوافذ واللوحات المتوضعة أعلاها، واسلوب التوزيع الجمالي للكتابات ضمن قبلية جامع العادلية، ومدخل القبلية والرواق المزدوج فيه.
كما كشفت الدكتورة مارديني عن وجود نظم هندسية تنطلق من أشكال هندسية وتقسيماتها ومضاعفاتها، يتم اتباعها عند تصميم كل مبنى محددةً موضع كل عنصر من العناصر وتقسيمات الواجهة وارتفاعاتها.
وأكدت الباحثة أن القيم الجمالية للأوابد الأثرية بحلب تستمد جمالها أيضاً من وجود نسب جمالية تطغى على تصميم كل أثر، وهذه النسب يرتاح بها البصر وتهنأ لها النفس، ولأن حلب مدينة الجمال، وجب على أبنائها الكشف عن الأسرار الجمالية التي أعطت لأوابدها صفة الجمال.
وشارك الحضور بالمداخلات وطرح التساؤلات حول المواقع الأثرية وسماتها الجمالية، كما قدمت المحاضرة وأدارت الحوار المهندسة ثريا زريق رئيسة مجلس إدارة الجمعية وحضرها عدد من المهتمين والمتابعين للشأن التاريخي والتراثي.
تصوير – هايك أورفليان