صباح بارد مطلع عام 2012

حلب-م. ياسمين درويش

استيقظت الأسرة على صوت دوي هائل ذات صباح عطلة أسبوعية بارد شتوي، فأمسك الأب حالاً بجهازه الخليوي ليستطلع سبب الانفجار بينما ارتسم الرعب في عيون أولاده الثلاثة.

قال الأب (سامي) بنبرة حزينة: انتحاري فجّر نفسه بسيارة مفخخة محملة بكميات كبيرة من المتفجرات أمام مدخل المبنى الحكومي الواقع في الحي المجاور لحينا.

أردفت الأم باهتمام: يبدو أنّه تفجير هائل، فالصوت الذي وصلنا كان مدوياً على الرغم من كوننا بعيدين كيلومترات عدة عن مكان الانفجار.

قال سامي بعيون دامعة: لقد فقدنا عشرة شهداء.

وساد المنزل صمت حزين لم تقطعه إلا رنات الجهاز الخليوي الخاص بسامي، وحين أنهى سامي مكالمته قال: إنه أبي، اتصل ليطلب مني مرافقته لنتفقد سلامة منزل صديقه المغترب، فالمنزل يقع في منطقة الانفجار ذاتها.

ارتدى سامي ملابسه على عجل وتوجه نحو منزل والده ليرتادا معاً السيارة متوجهين نحو المنزل المنكوب.

بدا الدمار جلياً لدى وصولهما إلى الشارع الذي وقع فيه الانفجار فبعض السيارات محطم وقلما تجد سيارة غير متضررة، أما نوافذ المنازل فمعظمها مكسورة ومتناثرة في الشوارع، وكذلك الواجهات الزجاجية للمحال كانت محطمة كلياً على الرغم من أن المحال مغلقة بسبب عطلة يوم الجمعة.

قطع الزجاج المكسور تملأ المكان وكل شيء بدا حزيناً بائساً منكسراً في ذلك الصباح البارد.

حال سامي دخول المنزل المنكوب برفقة أبيه، فوجدا المنزل بأكمله متأثراً بالانفجار، إذ إن بلاط المنزل كما أثاثه مغطى بأكمله بقطع الزجاج المكسور والغبار، وكل ما هو مصنوع من الزجاج في المنزل مكسور بالكامل كالنوافذ وأدوات مطبخ وما إلى ذلك.

دمعت عينا والد سامي وقال بنبرة حزينة: كيف سيتلقى صديقي هذا الخبر في غربته؟

فأجابه سامي بعد تنهد طويل: أي خسارة مادية لا تعدل قطرة واحدة من دم شهيد، فقد فقدت حلب اليوم بسبب هذا الانفجار عشرة شهداء والعديد من الجرحى في المشافي وبعضهم بحالة خطرة.

تمتم أبو سامي: لو أن هذا الانفجار وقع أمام وكالتنا المتخصصة ببيع التحف والأنتيكات لكانت خسارتنا لا تقدر بثمن فمعظم بضاعتنا من الزجاج القابل للكسر.

تنهد سامي قائلاً: حسبنا الله ونعم الوكيل.

تمتم سامي: أهذه صور لمنزل أم مقاطع من فيلم مرعب ؟! كان الله في عون صاحب المنزل وألهمه الصبر.

حين عاد أبو سامي إلى منزله وجد ابنه الصغير كرم باكياً، فلم يكترث وجلس في غرفته حزيناً صامتاً، وحين دخلت زوجته أمل إلى الغرفة خاطبها بلهجة حانية لم تعهدها من قبل قائلاً: يبدو أننا سنضطر إلى مواجهة أيام صعبة مثقلة بالأوجاع والخسارات.

فأجابته أمل بثقة: وأنا على أتم الاستعداد لأن أكون إلى جانبك وإلى جانب أبنائي ضد عاديات الزمن.

 

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار