حلب – عبد الكريم عبيد
عندما تذكر فرنسا، فإن أول ما يقفز إلى ذهن السياسي أو الإعلامي أو المتابع قيم الحرية والديمقراطية والعدالة التي تتبناها وتتفاخر بها وأنها هي أول من صدرها إلى البشرية وبخاصة إلى الدول الأفريقية والعربية وأمريكا اللاتينية معتبرة نفسها ذات إرث عريق في هذا المجال.
اليوم وفي أول امتحان سقطت هذه القيم العريقة التي تدعيها فرنسا تحت أقدام شرطتها الذين استخدموا الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي والمياه العادمة والكلاب البوليسية لتفريق المتظاهرين الذين وقفوا بقوة ضد رفع أسعار المحروقات وهذا هو مطلبهم فقط.
فما كان أمام سيد الإليزيه إلا أنه أزبد وأرعد، ووصف هؤلاء بأنهم يريدون الفوضى وتخريب البلاد وإسقاط قيم الديمقراطية التي تعتبر إرثاً فرنسياً عريقاً.
وأمام هذا المطلب عمدة باريس وخارجية ماكرون والرئاسة أيضاً دقوا ناقوس الخطر إزاء هذه الحركة التي أسقطت هذه الشعارات في أول تحرك لها وأظهرت كذب وزيف ادعاءات ماكرون حيال تشدقه بهذه القيم النبيلة التي لا تمت إليه ولا إلى ساسته وشرطته بأي صلة.
هذه هي سياسة الغرب، زعموا أنهم صدروا إلينا قيم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وفي أول محطة يطؤون بأقدامهم هذه القيم.
صدروا الربيع العربي المأفون الذي أصفه بأنه خريف عربي لأنه فرق ودمر البلدان العربية من المحيط إلى الخليج وسعى إلى خرابها وضرب وحدتها من الداخل عبر عملائه المأجورين ضمن تركيبة المجتمع والمرتبطين بالخارج تحت شعارات وعبارات براقة تخطف الأبصار وتعجب المغفلين من الساسة والإعلاميين والمتابعين.
اليوم لم تعد هذه الأكذوبة تنطلي على أحد حيث صدروا الدمار والقتل والإجرام والإرهاب إلى سورية والعراق وتونس وليبيا فأرسلوا مجموعات إرهابية تحت عناوين ومسميات متنوعة وهدفهم في ذلك تصدير أزماتهم الداخلية لمواطنيهم الذين بدؤوا يتحسسون الألم وبدؤوا يتحركون ضد ساساتهم احتجاجاً على ممارساتهم وإجراءاتهم الرامية إلى إفقار مواطنيهم.
إنه السحر الذي بدأ ينقلب على الساحر وإن غداً لناظره قريب.