حلب ـ طارق بصمه جي
حلب .. المدينة التي تحدت الأخطار مازالت موسيقاها تحاكي نبض الروح و اهتزاز الأوتار .. من الموشحات إلى الأدوار وصولاً بالابتهالات والأذكار .. قصة أوتارٍ رقصت طرباً بلحن فريد حيّر الأفكار .. هي أغانٍ وأناشيد خلدت في ذاكرة الزمن الجميل .. فطال صداها ليلامس أرواح الحاضرين .. في مشهد ليس بغريب عن تلك المدينة التي تميزت بالطرب والأصالة والأدب .. مؤخراً أقامت كل من مديرية الثقافة بحلب ونادي شباب العروبة حفلاً فنياً امتد على مدى سويعات من الزمن .. قدم فيه أساتذة الطرب الحلبي باقة من الأغاني والموشحات والابتهالات .
وبعد تقديم الكلمات الترحيبية بدأت الفقرات الفنية بوصلة طربية قدمها الفنان /فؤاد ماهر/ الملقب بعندليب حلب تضمنت عدداً من القدود الحلبية ( من مقام الحجاز ) إضافةً إلى أغانٍ من روزنامة الزمن الجميل للعندليب الراحل عبد الحليم حافظ .. فيما اختتم وصلته بأغنية محببة رددتها شفاه الحاضرين للموسيقار وديع الصافي من مقام حجاز كار بعنوان / لا عيوني غريبة /.
تلا ذلك .. فقرة من الابتهالات الدينية والموشحات قدمها الفنان محمود فارس قدم من خلالها باقة من الأذكار والموشحات الأندلسية رافقه بها فرقة / آل حداد / للرقص المولوي .
كما قدم فارس خلال هذا الفقرة أيضاً أغنية طربية مميزة ( من مقام الكرد ) وهي “النهر الخالد” للكبير الراحل محمد عبد الوهاب من كلمات الشاعر محمود حسن اسماعيل ..
بعد ذلك بدأ الفنان صفوان عابد وفرقته ليقدم باقة من أغاني “كوكب الشرق” الراحلة أم كلثوم تلك الأغاني التي لم تزل في وجدان وذاكرة كل متذوق حلبيّ أصيل .. فاختار عابد مقاما ( الكرد والبيات ) ليبدأ وصلته مع تلك الألحان العظيمة التي تفاعلت على أنغامها شفاه الحاضرين .. مستذكرين عظمة تلك الكلمات والألحان التي قل نظيرها في وقتنا الحالي ..
وقدّم الفنان عابد فقرة إضافية من مقامي ( الصبا والعجم ) تراقَص على أنغامها الحلبيون بعد أن قضوا سويعات من تأمل الروح ونشوة الوجدان ..
بدوره عضو مجلس الشعب محمد ماهر موقّع أشار في تصريح له على هامش الحفل إلى أن تلك النشاطات الهادفة تضفي مزيداً من البريق والألق إلى تلك المدينة العريقة التي تحطمت عند أعتابها مخططات التقسيم والظلام والإرهاب .. فحلب كانت وستبقى مدينة الحب والسلام والإبداع .. ها هي تنفض اليوم عن جسدها توحش الإرهاب وجرائمه لتعيد رسم الأمل وإرادة الحياة التي لم تتوقف فيها .. رغم قساوة الأيام و السنين الماضية ..
وأضاف قائلاً :
” سعدت بحضوري هذا الحفل لما يحمله من طابع حلبي و تراثي عريق .. لأن حلب لم تزل ولادةً للفن الأصيل والمواهب المتميزة “.
من جهته رئيس فرع حلب لنقابة الفنانين ورئيس مجلس إدارة نادي شباب العروبة عبد الحليم حريري أكد أن نادي شباب العروبة للآداب والفنون الذي تأسس عام 1957 مازال حتى يومنا هذا الرافد الأول للحركة الفنية والأدبية للشباب الموهوبين ..
وأضاف موضحاً عن الحفل :
” غنى اليوم ثلاثة مطربين كبار .. هم أعضاء قدامى في النادي , إضافة لموهبة شابة يعمل النادي حالياً على صقل موهبتها .. هذا وقد شارك في الحفل عازفون من كبار الموسيقيين الذين كانوا قد ترعرعوا في رحاب هذا النادي العريق ولم ينقطعوا عن جلسات النادي الفنية والأدبية .. “
كما أكد ” حريري ” مستطرداً أن تلك الأماسي لم تنقطع أبداً .. حتى في أقسى الظروف التي تعرضت لها المدينة .. ففي الحين الذي كانت فيه قذائف الحقد الإرهابية تستهدف الأحياء السكنية الآمنة في كل ركن وزارية…. ! لم ينقطع الحلبيون عن الحضور إلى مسرح النقابة يقيناً منهم وإيماناً بأن تلك الغيمة ستزول وأن المدينة ستتحرر وستشرق شمس المحبة والوئام من جديد .
حضر الفعالية عدد من المعنيين والفنانين على صعيد التمثيل الدرامي والإذاعي وحشد من المهتمين.
رقم العدد 15589