بقلم : محمد العنان
تتميز ممالك النحل ومستعمرات النمل بالتنظيم الدقيق، وهذا التنظيم يحاكي تنظيم الإنسان لحياته، وربما يتفوق عليه في بعض الأحيان، فالنمل والنحل يضرب بهما المثل بالتنظيم والإرادة والإدارة والتفاني والإخلاص والعمل الدؤوب.
لكل من النحل والنمل عالمه الخاص وتقسيماته الطبقية والإدارية، وتضطلع كل مجموعة وكل فرد بدور خاص لا يتم تجاوزه على الإطلاق.
تعمل هذه المجموعات والأفراد لتحقيق أهداف سامية تصب في الصالح العام لحياة المملكة أو المستعمرة، وتنال نصيبها من التعب والجهد في زمن محدد لتنال نصيبها من الراحة والفائدة في زمن آخر، خصوصاً في فصل الشتاء.
تحضرنا من خلال حديثنا عن هذين العالمين أعمال الكثير من المؤسسات العامة التي يتطلب عملها السير في هذا الاتجاه، وهي في غالب الأحيان لا تستفيد من تجارب هذه الكائنات المبدعة في بذل الجهد المنظم في زمن مناسب، لكي تتجنب المشكلات في الزمن الصعب.
في حلب تسقط ورقة التوت في أول اختبار في موسم الأمطار، حيث تغص شوارع المدينة بمياه الأمطار نتيجة عدم تنظيف الفتحات المطرية قبل قدوم الشتاء، وتصبح معالجة هذا الأمر أصعب بكثير. وهو الدور الذي يجب أن تضطلع به شركة الصرف الصحي ومجلس المدينة.
كذلك الحال فيما يتعلق بأعطال الشبكة الكهربائية، فما شهده الشتاء المنصرم من أعطال كثيرة، خصوصاً في مراكز محددة نتيجة الاستهلاك الزائد والشبكات المهترئة جعلت طوارئ الكهرباء في حالة استنفار على مدار الساعة، فلا يضير الشركة أن تبذل الجهد اللازم في الصيف ليرتاح عمالها وآلياتها في الشتاء.
والحال نفسه أيضاً فيما يتعلق بصيانة بعض الشوارع وتزفيتها، أو الحفريات الخاصة بالمؤسسات الخدمية (المياه ـ الكهرباء ـ الصرف الصحي ـ الهاتف)، حيث تبدو الصورة في الشتاء قاسية وقاتمة وبعض نتائجها صعبة، ولا تؤتي أكلها كما يجب.
ما نتمناه من هذه المؤسسات (دون أن نبخس دورها وأعمالها وجهودها) أن تقتدي بهذا المشهد المنظم والجميل للنحل والنمل، لتقوم بأعمال استباقية في الصيف لتتجنب المصاعب في الشتاء.
رقم العدد 15726