الجماهير – الشيخ الدكتور ربيع حسن كوكة
بعد صدور نتائج العام الدراسي المُنصرم لأبنائنا الطلبة في كافة المراحل الدراسية … يبدو لي من الحكمة أن نتذكر سويةً أن الحياة بعمومها ليست مِثالية؛ فهي دار امتحان، ونحنُ خُلقنا فيها لنُعبّر عن أنفسنا، ولنتجاوز ابتلاءاتها وامتحاناتها، وهي لا تكون دار امتحان وابتلاء إن كان كل شيء سيسير فيها على ما يرام، فقد ينجح البعض في وقت من الأوقات وقد يفشلُ في وقت آخر، ورغم أن الفشل شيء مكروه للنفس وينبغي بذل الجهد في تجنّبه غير أنّ تعثّر الخُطى في رحلةٍ مهمَّةٍ لا يعني النهاية؛ والحياة أعظم بكثير من الفشل، وهي تحمل في لحظاتها الشيء الكثير من مُعطيات النجاح.
لا تكمُن المُشكلة في الفشل، وإنما في طريقة التعامل معه، فالفشل ليس دماراً لما بنينا في السنوات السابقة بل هو الخطوة الأرسخ في طريق النجاح، ولن يصل المرء إلى ساحات النجاح إذا لم يتجاوز مغريات التقاعس والكسل؛ ويسلك طرقات الجدّ والعمل، بالإرادة القوية والتخطيط والاستعداد للمستقبل.
والخوف والحزن من الفشل فخٌ خطير في طريق النجاح .
ومن خلال موقفٍ من مواقف براءة الأطفال يمكن أن نستفيد في عدم الركون للفشل حيث كان الطفل يشاهد إخوته الكبار يسيرون، ويركضون، وهو يحبو، وذات يوم أسند يديه إلى الجدار ووقف على قدميه، حاول السير فسقط أرضاً، جاءت والدته وحملته، وأجلسته في كرسيه المريح، لكنه كرر المحاولة ولم يستسلم ولم يعبأ بألم السقوط، ومرّت أيام قليلة ليبدأ رحلة الاستكشاف سيراً على الأقدام تلك التي لم يكن يُجيدُ استخدامها.
إن التجربة هي طريق الاكتشاف ، والبحث سبيل المعرفة، ولن يتطور الإنسان إن لم يمتلك شجاعة احتمال الفشل واقتحام المجهول، عندما نُحلّقُ بأفكارنا إلى آفاقً جديدة ونسيرُ إلى الأمام سَنُدركُ كم كانت آفاق الماضي ضيّقة، ولن تكون لدينا رغبةً بالعودة إليها.
ولعلني أُقدّم مجموعة من النصائح لأبنائنا الطلبة تُعينهم على اجتياز امتحانات الحياة فأقول:
عندما نقرأ قصص الناجحين نجدُ في طياتها الكثير من الجهد والمعاناة والمثابرة والصبر، كيف يمكن للطير أن تُحلّق في السماء من غير أن تُتعب جناحيها؟ اجتهد وتحمّل؛ والنجاح حليفك بإذن الله.
إذا كان يومك كالأمس، فإنك لن تحقق شيئاً، فلا تدع الغد يكون مثل اليوم، فمن لم يكن في زيادة فهو في نقصان.
دائماً يوجد من يضع العصي في العجلات لإعاقة التقدم والنجاح، اصنع من تلك العصي سُلّماً تصعد به نحو النجاح.
هناك أُناس ناجحون الآن ويستمتعون بنجاحهم لأنهم في وقت الفشل قرروا ألا يستسلموا، ونظروا إليه على أنه مجرد خطوة في طريق نجاحهم.
لا تبأس ولا تيأس وتعلم من أخطائك واعلم أن الحياة نجاحٌ دائم قد يتخلله بعض منغصات الفشل المؤقّتة فلا تستسلم للمؤقّت ولا تتركه يُشوّه النجاح الدائم.
المجتمع لا يحتاج إلى أطباء فقط، ولا إلى مهندسين فقط، ولا إلى محامين فقط، إنه يحتاج إلى كافة الاختصاصات المعرفية، فإن لم يُسعفك مجموع علاماتك في الشهادة الثانوية للانتساب لكليةٍ ما فانتقل إلى الأُخرى فلعلَّ الله قد جعل لك فيها الخير كلَّه؛ وإن لم يكن ما تريد فأرد ما يكون.
رقم العدد ١٥٧٤٩