” العيدية ” ذاكرة جميلة للكبار وفرحة للصغار .. لم تندثر رغم اختلاف الظروف

الجماهير – حسن العجيلي
بفرح وسعادة تعكسها ابتسامته يمسك ” محمد ” البالغ من العمر ست سنوات مبلغاً من المال أعطاه إياه عمه في يوم العيد ، وهو لا يبالي بالمبلغ لأنها ليست المرة الأولى التي يعطيه عمه شيئاً سواء مبلغاً من المال أو حلوى ، بل هو مسرور لأن للمبلغ هذه المرة اسم مختلف وهو ” العيدية ” بمناسبة عيد الأضحى المبارك .
” العيدية ” موروث شعبي وعرف اجتماعي تربينا عليه في مجتمعنا يعطي للعيد نكهة خاصة وجمالية تضاف لمباهج العيد من ملابس جديدة وحلويات ومأكولات تعكس فرح العيد ، كما تشكل لدى كل فرد منا جزءاً من ذاكرته وهو صغير عندما كان يحصل على ” العيدية ” بل يتذكر بالتحديد من كان يعطيه ” عيدية ” ليعيد تكرار المشهد وليستمر هذا الموروث الشعبي في المجتمع .
يقول الطفل عبد الرحمن : حصلت على ” عيديات ” كثيرة من أقاربي وفرحت بها كثيراً ولهذا أحب العيد .
وتقول الطفلة راما وهي تشير لجيبها : معي ” العيديات ” وسأصرفها في الملاهي وشراء الحلويات ، ويضيف الطفل سعيد : سأشتري ألعاباً بمبلغ العيديات التي حصلت عليها فترة العيد .
ومع أهمية ” العيدية ” كطقس اجتماعي يرتبط بالعيد إلا أن هذه العرف بدأ يأخذ مناح مختلفة في السنوات الأخيرة وأصابها ما أصاب المجتمع من تضخم اقتصادي وتغيير اجتماعي .
تتذكر أم سعيد أيام زمان مبتسمة وتقول : عندما كنت طفلة كان للعيدية بهجتها وكنا ننتظر بفارغ الصبر فجر العيد وعودة أبي وأعمامي من صلاة العيد وزيارة القبور لنحصل على ” العيدية ” والتي مهما كان مبلغها زهيداً إلا أنها كانت مجزية في تلك الأيام ، مضيفة بأنه في هذه الأيام من الصعب إعادة تكرار طقس ” العيدية ” كما كان لأسباب مختلفة خاصة ذوي الدخل المحدود ، حيث لا يستطيع أحياناً الوالدين إعطاء ” العيدية ” لأبنائهم نتيجة مصاريف العيد .
أما أبو قاسم فيؤكد حرصه على إعطاء أحفاده ” العيدية ” مهما كان المبلغ بسيطاً للحفاظ على هذا الطقس الاحتفالي وليشعر الأطفال بأهمية هذا اليوم ، ويوافقه الرأي عبد الهادي الذي يصر على إعطاء ابناء اخوته واخواته مبلغاً من المال مهما كان بسيطاً تعبيراً عن المناسبة مضيفاً بالعامية ” هي قدرتي ” و ” فرجي عذرك ولا تفرجي بخلك ” .
في حين يرى أبو هشام أن العيدية اصبحت ضرباً من التاريخ والتراث خاصة في الوضع المعيشي الحالي وأن أي مبلغ ستعطيه للأطفال سيكون قليلاً وغير كاف لشراء لعبة أو ” كاسة بوظة ” – على حد تعبيره – .
إذاً ومهما اختلفت الآراء حول ” العيدية ” كقيمة نقدية يبقى الاتفاق على أهميتها كطقس اجتماعي وتعبير عن مشاركة مشاعر الفرح والبهجة في العيد وهي درس من دروس العطاء يعلمها الكبار للصغار وتزرع المحبة والألفة في النفوس .
رقم العدد ١٥٧٦٨

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار