الثمن الباهظ لعين الدراما الخاطئة

الجماهير – بيانكا ماضيّة
علّق صديقه على منشوره بالقول: “توظيف خاطئ للدراما، سندفع ثمنه”. فيما كانت كلمات منشور الصديق: “سورية حسب مسلسلات رمضان: غابة مظلمة من الفساد والسواد والدموع، ومافيها من بقعة ضوء إلا في حارة العقيد التي تقفل أبوابها ولاتعترف بسلطة أحد أمام سلطان العيب أو في تلك الخلافة التي سقطت”!!.هذا المنشور يعود إلى عام 2010 نشره أحد الكتّاب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي، حين لم يكن هناك في الأفق أية إشارات لحرب قادمة، بل كانت الإشارات واضحة في دراما عملت على تأجيج مزاج غاضب قوامه العنف والخروج عن المجتمع والدولة. فما الذي جنيناه من الدراما السورية؟! ومن الذي أثّر في من؟! الدراما أم المجتمع؟! هل كانت الدراما هي المؤثر الأول والسبب فيما رأيناه ونراه من سلوكيّات لاتمتّ إلى مجتمعنا بصلة، ونتائج أحالت البلاد إلى قتل وخراب؟! أم أن ما لحق بمجتمعاتنا من تغييرات سلبية هي المؤثر في ما نشاهده في الدراما التلفزيونية؟! مازال الجدل قائماً حول إجابات هذه الأسئلة!
هذه الأصوات التي تعالت من قبل النخبة المعنيّة، ورفعت شعارات التنبيه والتحذير من مخاطر ما تطرحه كثير من الأعمال الفنية، وطالبت بالبحث عن بقاع ضوء لاتنسف جدران منظومتي الأخلاق والقيم، بل تحضّ على إظهار الوجه المشرق فيهما؛ لتكون مثالاً يُحتذى ،كانت تنظر إلى مايقدم عبر هذه الدراما بعين ناقدة تستشف آفاق مستقبل أسود، رأينا نتائجه المُهلكة على غير صعيد بأم أعيننا، بينما كانت العين الناقدة للدراما تتجه في الاتجاه الخاطئ، إذ اختلط الحابل بالنابل بالنسبة لشباب ليس لديه من الخبرة والمعرفة ما يكفي لمساعدته على اختيار الدراما الجيدة من المدمّرة!.
وفيما يؤكد نقاد فنيّون أن المجتمع هو مصدر ومنبع لما تقدمه الدراما، باعتبار المجتمع هو الأسبق لذلك، ويؤثر بالطبع في الأعمال الفنية، إلا أن نقل هذه الأعمال الدرامية للواقع كما هو بما يحمله من تدنٍّ في السلوكيّات أمر خاطئ وخطير إذ بتنا نتلمس نتائجه في سلوكيّات الجيل المراهق. صحيح أن الأعمال الفنية لا تأتي من كوكب آخر، فعندما نضع كاميرا في منتصف الشارع، سنرى كل ما في هذا الشارع من قبح وجمال، ولكن هل مهمة الفن نقل القبح بحذافيره، وأحياناً مع تضخيم له دون فلترة، ليكون تسليط الضوء على القبح أكثر من تسليطه على الجمال، وبالتالي يكون الفن في هذه الحالة قد أعطى نموذجاً لشباب مراهق يرى في الأعمال الفنية المقدّمة له واقعاً حقيقياً يحل بعض مشكلاته، فيعمل على محاكاته بكل مايمتلك من أدوات؟!.
لقد قدمت بعض منتجات الدراما نوعاً خطيراً من الغزو الفكري للمجتمع، بما حملته من مظاهر وقيم سطحية وانحلالية، وقد ساهمت بكل تأكيد في الوصول بهذا المجتمع إلى أدنى درجات الانحلال، إلى الحضيض، إذ أثّرت في التفكير والسلوك وفي التعامل مع الآخرين، وكانت النتائج وطناً مستباحاً للعدو، يغزوه من كل الجهات.
فهل للرقابة الفنيّة دورٌ فيما آلت إليه البلاد؟! على من تقع المسؤولية؟! إذا كان للدراما رسالة اجتماعية هدفها الأول الإضاءة على بعض مشكلات وآفات المجتمع وأخذ العبرة منها، فما الذي فعلته الدراما السورية قبل الحرب على سورية؟!
رقم العدد ١٥٧٨٢

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار