الجماهير / بقلم: بيانكا ماضيّة
هل يصمت المثقف وينكفئ في ظل انحلالٍ على غير صعيد، أم يعلي من صوته؟! هل عملت الحرب على تثبيط معنوياته؟! ما الذي بإمكانه أن يفعله المثقف في هذه المرحلة من عمر الحرب؟!
المثقف، بمعناه الحقيقي، إنسان منحاز للقيم الإنسانيّة، للقيم الأخلاقية، للمثل والفضائل، ومَن غير المثقف بإمكانه أن يدافع عنها حتى آخر قطرة من حبره، في مواقفه وفي كتاباته؟! هذا هو السلاح الذي يحمله المثقف، فلمَ تراجع البعض من المثقفين عن أداء دورهم الحقيقي؟!
المثقف ليس منظّراً، بل له موقفٌ واعٍ يتخذه دفاعاً عن الحق وقيم العدل، وله دور منوط به يكمن في شحذ الهمم، وجمع الكلمة، والوقوف في وجه كل من يعتدي على تلك القيم التي ينادي بها. ويمكنه مع نظرائه من المثقفين تشكيل جبهة داخلية متينة تدافع عن الوطن والإنسان، بالرأي والكتابة والموقف الفردي والجماعي، تقف في وجه أعداء الوطن، أكانوا في الداخل أم في الخارج!.
ماجعلني أكتب هذه الكلمات رؤيتي لبعض المثقفين الذين تسلل اليأس إلى نفوسهم، والإحباط إلى كواهلهم، فاستكانوا عن دورهم الذي نهضوا به في بداية الحرب على سورية. والأسوأ من هذا أن تأثيرهم السلبي بدأ ينتشر بين الأوساط الاجتماعية، وهنا لابد من التصدي لهذه الظاهرة كيلا تستفحل أكثر فأكثر مما يسبب انتشاراً أوسع لها.
إن المثقف يسهم في الوقوف إلى جانب من يحارب دفاعاً عن بلاده، فيردّ على دعاوى الكتّاب الذين أعلنوا خيانتهم لوطنهم، ليقف سداً منيعاً في وجه الأباطيل التي ينشرونها، ينقض حججهم، ويكشف الحقائق بالأدلة والبراهين. ومن مهمته أيضاً إقناع الذين لا يزالون يترددون في مواقفهم تجاه الاعتداء والحرب على بلادهم، ففي اتخاذه هذه الخطوة يساهم في جمع الكلمة وتوحيد الصفوف، ما يعد سبباً في النصر، إذ هو سلاح يستخدمه المثقف لنشر الوعي بعدالة القضية الوطنية التي قامت الحرب لتقويضها وتفكيك عراها.
ما أحوجنا اليوم إلى أن نعيد الثقة لأفراد مجتمعنا، مهما كانت التحديات كبيرة وغير منتهية، وما أحوجنا إلى من يبث فيهم روح التفاؤل والأمل، فمن غير الأمل بمستقبل زاهر لوطننا، ومن غير القيام بجهد جماعي، كلٌّ حسب اختصاصه؛ لإعادة بناء هذا الوطن ومحاربة الفساد الذي انتشر بصورة أكبر عن ذي قبل الحرب، فلن يكون للوطن مستقبل مشرق ولن تقوم له قائمة.
ومَن غير المثقف باستطاعته أن يبث هذه الروح في فضاء الآخرين، فيشحذ الهمم، ويرفع من معنويات أفراد مجتمعه ليشقّوا طريقهم نحو المستقبل؟! لابد إذن من أن يقوم كل مثقف بدوره، فلا ييأس ولا يحبط، ففي يأسه وإحباطه دلالة خطيرة لايمكن حصر نتائجها السلبيّة!
صرخة نطلقها لعلها تجد طريقها لدى من يقع على عاتقهم مسؤولية الحرف والكلمة!.
رقم العدد ١٥٧٨٩