بعد حصولها على جائزة قرطاج المسرحي .. “تصحيح ألوان” تنبش في الذاكرة الثقافية السورية وتكشف كثرة المثقفين المنتفعين على جهود المتفوقين

الجماهير- انطوان بصمه جي
احتضنت قاعة مسرح نقابة الفنانين يوم أمس عرضاً مسرحياً تحت عنوان “تصحيح ألوان” للمخرج سامر محمد اسماعيل، ضمن احتفالية حلب عاصمة الثقافة السورية .
المسرحية الحائزة على جائزتين من مهرجان قرطاج المسرحي في تونس وهي من بطولة يوسف المقبل ومريانا معلولي وحضور خاص لصوت للنجم أيمن زيدان .
حيث يعرض العمل فضاءات جديدة لم تتوقف على استثمار خشبة مسرح نقابة الفنانين بل تعداه إلى استثمار قطع صغيرة مثل صناديق الكرتون المقوى المحشوة بالأغراض الشخصية والكتب، وينطلق العرض من العنوان كعتبة يستعير فيها مصطلح بصري سينمائي، استعمله المخرج للتعتيم على المضمون وضمان طابع المباغتة لأحداث عرضه الذي يفكك معطيات عشرين عاماً تستعيدها الصحافية في حوارها مع الروائي جابر إبراهيم عن الجائزة التي نالها عن روايته “الخوف”.
وأوضح مدير الثقافة جابر الساجور لـ “الجماهير” أن تصحيح ألوان عمل قوي من إنتاج المديرية العامة للمسارح والموسيقى بدمشق وكان له دور رائد في تطوير العمل المسرحي وتقديم الأفضل على الساحة المسرحية ، فمن المعلوم أن طيلة فترة الحرب لم يكن هناك عروضاً متبادلة بين المحافظات لكن بعد إعلان حلب عاصمة للثقافة السورية كان هناك توجه من وزارة الثقافة إلى زيارة فرق المسرح القومي كافة المحافظات والاطلاع على التجارب ، مضيفاً أنه كان لحلب أكثر من 3 عروض خارجية ليشاهدها أهالي حلب الذواق للمسرح ، ويضيف أن هناك نصيب كبير لحلب بخصوص الأعمال المسرحية وأن هناك عمل مضني من قبل مديرية المسارح والموسيقا المتمثل بعروض مهرجان المونو دراما لمدة تسعة أيام وهناك الكثير من الفرق الفنية مثل المهرة وأمية وفرقة بيت الدين الحلبي الأمر الذي يخلق حراكاً ثقافياً وإعادة ألقه لمدينة حلب الشهباء.
المخرج الشاب سامر اسماعيل بين أن العمل المسرحي هي مواجهة بين كاتب روائي وصحفية يكشف عن ماضي الشخصيتين ، ومن خلال الصراع يطل المخرج على مرحلة الثمانينيات من القرن الماضي في سورية ، مبيناً أن قصة العرض التي تدور حول الصحفية “رشا التي تكشف فيما بعد عن اسمها الحقيقي مايا” والكاتب الانتهازي جابر ابراهيم تخرج من نطاق الحوار الصحفي المفترض مع كاتب حصل على جائزة من دولة خليجية لروايته الأخيرة إلى مكاشفة حادة تدفع الكاتب للاعتراف بسرقة رواية والد الصحفية والتسبب في سجنه.

وأضاف المخرج اسماعيل أن “تصحيح ألوان” جاب الكثير من المهرجانات أهمها مهرجان أيام قرطاج المسرحية وانتزع جائزتين كأفضل نص وأفضل تمثيل وشرف كبير لكادر العمل أن يكون متواجداً في حلب الأمر الذي يؤكد أن المسرح خط دفاع أول ضد ثقافة الظلام والتكفير وهو مع ثقافة الحياة وخاصة في مدينة حلب التي دفعت ضريبة باهظة للحرب ، مبيناً أن العرض الأول كان في دمشق عام 2017 على مسرح القباني وتوالت العروض بعدها في مهرجانات حمص وحماه واللاذقية وبعد توجيه دعوة للمسرح القومي سينتقل العرض إلى مسرح الشمس بعمان.
أما النجم يوسف المقبل الذي اتقن أداء دوره بتوازن لا متناهي على خشبة المسرح قال : هذا العرض يحتوي على رسائل عديدة أهمها فضح بعض النخب السورية المثقفة التي تم تنصيبها عبر السنوات على أنها آلهة لتلك المرحلة وعندما تعرض البلد للأزمة التي تحولت لحرب شرسة وجدنا هذه النخب أين توجهت وألية تخليها عن المجتمع ، وأن الإيديولوجيا أو العقائد إنما هي أقنعة. وهذه الشخصية الإشكالية في الحياة السياسية العربية جديدة على المسرح السوري كما العربي ، من قبل لعبت عليها الرواية أو قاربتها، كما النهاية المأساوية غير المتوقعة بدءاً من كشف رسائل الحب بين والدة الصحفية والكاتب لنكون أمام خيانة مزدوجة بحق الصديق والزوج أظهرت مقولة العرض بأن ذاكرة الإنسان هي من صنعه هو لا مرآة حقيقية عن الماضي الذي سيدفنه الكاتب عندما يضع جسد الصحفية المنهارة في حقيبة سفر.
بدورها الفنانة ميريانا معلولي التي لعبت دور الصحفية رشا والتي تكشف أثناء العمل عن اسمها الحقيقي مايا التي تستدرج الكاتب الفائز بالجائزة عن أفضل رواية اسمها الخوف التي جاءت لتأخذ حقها بعد أن قام الكاتب بسرقة رواية والدها لتسترجع بذلك تاريخ وذاكرة وحياة سرقت منها وكشف الأوراق المستورة ، وأضافت أن العمل المسرحي “تصحيح ألوان” النقطة الأولى لتواجدها في حلب بعد الحرب ، معبرة عن اشتياقها وسعادتها لكل ما تحمله حلب من ذكريات دفينة وأرث ثقافي كبير.

من جانبه ، أشار الأب جبرائيل داوود أحد الحضور إلى أن مدينة حلب كانت ولا تزال تأخذ دورها الريادي في مجال الطرب والفن والمسرح من خلال الأعمال المتنوعة التي تقدم خلال احتفالية حلب عاصمة الثقافة السورية تدل على عظمة وتاريخ وثقافة هذه المدينة وأصالتها ، مضيفاً أن العمل “تصحيح ألوان” يعد عملاً واقعياً من خلال تقديم قصة واقعية من الحياة اليومية والتي نعيشها في مجتمعاتنا العربية والتي تضيء على أفعال سلبية من خلال سرقة تعب ثقافي استمر لسنوات مع وجود نقطة إيجابية وهي توعية الإنسان والمجتمع ، مضيفاً أن الثقافة مهتمة بشكل دائم للمسرح القومي ومواظب على حضور الأعمال المسرحية المقدمة خلال الشهر الثقافي لأنه تساعد على تنمية الثقافة الفردية ودعم الأصدقاء لتقديم الأفضل بما يعكس على مكانة حلب وأصالتها .
يذكر أن مسرحية “تصحيح ألوان” هي من تأليف وإخراج سامر محمد إسماعيل وتمثيل يوسف المقبل ومريانا معلولي وحضور خاص بالصوت للفنان أيمن زيدان ولوحة العرض وديكور زهير العربي والإضاءة نصر الله سفر.
رقم العدد 15838

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
احتفالاً بيوم الطفل العالمي.... فعالية ثقافية توعوية  لجمعية سور الثقافية  جلسة حوارية ثانية: مقترحات لتعديل البيئة التشريعية للقطاع الاقتصادي ودعوة لتخفيف العقوبات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية الشاب محمد شحادة .... موهبه واعدة مسكونة بالتجارب الفنية تهدف لإنجاز لوحة لاتنتهي عند حدود الإطار ال... حلب تستعد لدورة 2025: انطلاق اختبارات الترشح لامتحانات الشهادة الثانوية العامة بصفة دراسة حرة خسارة صعبة لرجال سلتنا أمام البحرين في النافذة الثانية.. وصورة الانـ.ـقلاب الدراماتيكي لم تكتمل مساجد وبيوت وبيمارستان حلب... تشكل تجسيداً لجماليات الأوابد الأثرية على طريقة أيام زمان ... معرض 1500 كيلو واط يعود إلى عصر" النملية " في عرض منتجات الطاهية السورية تعبير نبيل عن التضامن : شحنة مساعدات إنسانية من حلب إلى اللاذقية دعماً للمتضررين من الحرائق مؤسسة الأعلاف تحدد سعر شراء الذرة الصفراء من الفلاحين وموعد البدء بالتسويق