همة لكشف الذمة !!

الجماهير / بقلم : محمد العنان

يحكى أن رجلاً معتوهاً في بلاد (الواق واق) صاحب مال عظيم رش مبلغاً كبيراً من المال بالسم القاتل وتبرع به لإحدى الجمعيات الخيرية في بلدته لتوزيعها على الفقراء وبعد أيام مات العمدة وزوجته ونوابه وزوجاتهم والمديرون العامون والمسؤولون في القرية والمخاتير وزوجاتهم في حين لم يصب أحد من الفقراء بأذى.
هو شكل من أشكال الفساد الذي ابتليت به الكثير من الدول وتسبب بالكثير من الكوارث الاقتصادية والاجتماعية على مر التاريخ.
اليوم تعكف وزارة التنمية الإدارية لمناقشة مشروع قانون الكشف عن الذمة المالية تحت عنوان (تعزيز النزاهة من أجل التنمية) بهدف اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة الوقائية لعدم الوقوع في الفساد والكسب غير المشروع وذلك من خلال الكشف عن الذمم المالية لفئات محددة من العاملين في الدولة من بينهم رئيس وأعضاء مجلس الشعب ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء والمحافظون والمديرون العامون وأعضاء المحكمة الدستورية وقضاة الحكم والنيابة العامة ومفتشو الجهاز المركزي ورؤساء وأعضاء المجالس المحلية والمكاتب التنفيذية وعناصر الضابطة الجمركية وسواهم من العاملين في المواقع الهامة والفاعلة في مؤسسات الدولة المختلفة.
إذن لا تحتاج المسألة إلى عناء كبير لتحديد الفئات وشاغلي المناصب القادرين على التأثير في هذه المعادلة ويمتلكون (بيضة القبان) في إحداث وزن حقيقي على نفقات وموارد الدولة وحسن وسوء تنفيذ المشاريع والمحافظة أو الإطاحة بالمبالغ الهائلة والاعتمادات الكبيرة التي تخصص للتنمية.
لا شك أن هذا الموضوع يتطلب إعداد بيئة قانونية وتشريعية ومسك طرفي الخيط للإحاطة بعمليات الفساد التي يمكن أن تمارس من خلال هذه الجهة أو تلك وبالتالي الحصول على الكسب غير المشروع إلا أن الكشف عن الذمم المالية لمن يتولى منصباً الآن ومقارنتها بذممه المالية حين يترك منصبه قد لا تعطي مؤشراً حقيقياً عن الواقع إذ بات معروفاً ويسيراً طرق التخفي والتهرب من هذه الناحية وما أكثر الاختراقات التي تحصل في مثل هذه الحالات وذلك من خلال تسجيل الأموال بأسماء أخرى أو تهريبها خارج البلد وهي قضاياً يجب أن يلحظها القانون في مهده.
المسألة الأخرى أن كل عملية فساد في مؤسسات الدولة ربما تتصل إلى حد ما بأشخاص من خارج العاملين في القطاع الحكومي كالمتعهدين ومن الضروري لحظ هذه الجزئية في دراسة القانون فالحفاظ على المال العام يجب أن يكون متكاملاً.
ومن المهم أيضاً التذكير بأن هذا القانون في حال إقراره ربما من الأفضل أن يطال أيضاً المسؤولين السابقين خلال فترة معينة (سنوات الحرب على سبيل المثال) وعلى القانون ألا يجبّ ما قبله.
والمسألة الأكثر أهمية من هذا الأمر وذاك هو الأدوات التنفيذية لهذا القانون والقيمين على تطبيقه فمن يضمن تحصينهم للوقاية من الفساد نفسه, وألا يكون نافذة نجاة لمن يدخل هزيلاً ويخرج متخماً !!؟
رقم العدد 15842

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار