ولد الهدى فالكائنات ضياء

الجماهير – رفعت الشبلي

تتزين حلب كما أخواتها من المحافظات السورية معلنة قدوم عيد مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث يبادر أهالي الأحياء وأصحاب المحال التجارية والمساجد والزوايا الدينية قبل أيام من حلول عيد المولد النبوي إلى تزيين واجهات المحال والشوارع والمساجد معلنين اقتراب هذا اليوم المبارك.
ذكرى مولد النبي على مر السنين الماضية كانت الاحتفالات فيها تتنوع، قديماً تقام الموالد في المساجد والبيوت وتضرب الدفوف وتنشد الأناشيد الدينية التي تخص ذكرى المولد وتوزع الحلويات والطعام على الفقراء وأهالي الحي عموماً.
في المدينة القديمة بحلب تبدأ الاحتفالات بعد صلاة العشاء وتستمر إلى صلاة الفجر، حيث يفتتح الحفل بتلاوة من القرآن الكريم وكلمة مختصرة لبعض علماء الدين بمناسبة هذه الذكرى ثم تبدأ الأناشيد الدينية ترافقها فرقة المولوية.
عادة تكون الزينة التي تزين الشوارع والمحال والمساجد عبارة عن آيات قرآنية وأبيات شعرية وكلمات تمجد وتعظم النبي محمد عليه الصلاة والسلام ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ” ولد الهدى فالكائنات ضياء، فداك أبي وأمي يا رسول الله “.
كانت ذكرى ولادته صلى الله عليه وسلم في الثاني عشر من ربيع الأول إيذانا بانطلاقة الحق التي غيبت زمناً طويلاً، حاملة معها مئات السنين من الجهل والظلام، تلك السنوات لم تجمع العرب أبداً، على العكس كانت الفرقة شعاراً يتخذونها متباهين بالحروب فيما بينهم ” حرب داحس والغبراء، البسوس “.
منذ أكثر من 1441 عاماً شهدت مكة نوراً ساطعاً أضاء قصور بصرى في الشام، و زلزل إيوان كسرى فتصدع وأطفأ نار المجوس معلناً بصوت عال بشارة نور الهدى محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، به ختم الله الرسل والأنبياء إلى الأرض.
ومن أجمل الأشعار التي قيلت في ذكرى مولده من عصرنا الحديث قول أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدته نهج البردة، وأنا أطرب عندما أسمعها بصوت كروان حلب حسن حفار:
تجلى مولد الهادي وعمت بشائره البوادي والقصاب
وأسدت للبرية بنت وهب يداً بيضاء طوقت الرقاب
لقد وضعته وهاجاً منيراً كما تلد السماوات الشهاب
فقام على سماء البيت نوراً أضاء جبال مكة والهضاب
أبا الزهراء قد جاوزت قدري بمدحك بيد أن لي انتساب
مدحت المالكين فزدت قدراً وحين مدحتك اقتدت السحاب.
في مناسبات دينية كهذه يرى البعض أن مطابقة الأقوال بالأفعال والوفاء بالوعد وصدق الحديث والالتزام بالنصح عن الغش هو منهج من يريد أن يفرح بالمولد النبوي العربي.
رقم العدد 15854