كوندا ليزا والفوضى الخلاقة

الجماهير / بقلم عبد الكريم عبيد

ما يحدث على الساحة السياسية في المنطقة ومحاولات التيارات الخفية الدفع بالحراك الشعبي في العراق ولبنان والجزائر وتونس وغيرها إلى العنف والقتل والتفكك يعيد إلينا بالذاكرة مصطلح الفوضى الخلاقة الذي أطلقته وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك كونداليزاريس صاحبة هذه الرؤية لا بل تعتبر هي المرجعية الروحية لهذا المشروع الذي تبنته الدوائر الرسمية في الإدارة الأمريكية سواء البنتاغون أو الخارجية وأجهزة المخابرات واللوبيات الضاغطة في أمريكا .
لكن السؤال الذي يطرح ما الذي دفع إلى هذا المشروع وفي هذه الظروف بالذات؟
المتابع للمشهد السياسي والتطورات الدراماتيكية التي صبت وتصب في صالح شعوب المنطقة من تعاظم قوى المقاومة وانهزام المشروع الصهيو – اميركي في المنطقة لا بل وأن صواريخ المقاومة باتت تهدد الأمن الصهيوني وتبلور مقاومة شعبية عريضة في الجولان السوري المحتل والجنوب اللبناني في ضوء عجز القبة الحديدية الإسرائيلية عن إبطال مفاعيل هذه الصواريخ. بالإضافة إلى ذلك حركة الوعي القومي العربي التي بدأت تنمو وتتبلور بين شباب المنطقة العربية في ضوء الانتصارات التي حققها محور المقاومة في عامي /2000/ و/2006/ بالإضافة الى اشتداد ساعد المقاومة داخل فلسطين المحتلة وانهزام المشروع الأمريكي الذي يهدف إلى تقسيم المنطقة.
الأمر الذي دفع الإدارة الأمريكية آنذاك وعلى رأسها كونداليزاريس بتبني هذا المشروع الهدام الذي أطلقت عليه الفوضى الخلاقة حيث قامت عام /2003/ باحتلال العراق وتدميره ونهب مقوماته ومقدراته والأدهى من ذلك تقسيم العراق على أساس عرقي وطائفي واثني بموجب قانون الحاكم العسكري الأمريكي آنذاك بريمر الذي وضع دستور العراق عند احتلاله والكل يتابع ما يحدث في العراق والذي انعكس سلباً على دول المنطقة والجوار أيضاً بشكل سيئ .
هذا المشروع الذي تعثر في بداية اطلاقه جراء انتصارات محور المقاومة كما أسلفنا الأمر الذي دفع صقور الإدارة الأميركية والغرب عموماً لتغيير أساليب التكتيك مع الحفاظ على الاستراتيجي. فكان ما أصطلح على تسميته ” بالربيع العربي ” الذي دمر الوطن العربي ودفع به إلى أتون فوضى مخطط لها ليحقق ما عجزت عنه كونداليزا من خلال فوضتها التي أطلقتها في أواخر القرن الماضي عندما كانت وزيرة للخارجية الأميركية.
بين الفوضى الخلاقة والخريف لا بل والخراب العربي قتل ودماء ودمار وخراب أوطان وتشرد وطائفية وأثنية وعرقية وكذلك الدفع بالمنطقة إلى مزيد من الضعف والتشرذم للاستنجاد والاستقواء بالأجنبي الغربي الذي يدفع بالمنطقة إلى مزيد من التأزيم وكأن التاريخ يعيد نفسه كما كان حال العرب في جاهليتهم.
إذن إنه التاريخ الذي يعيد نفسه اليوم. حيث دول الخليج تستعين بالأميركي والغربي ليدمر سورية واليمن والعراق ولبنان وليبيا والقائمة تطول .
لكن دوام الحال من المحال والنفط لن يدوم والدعم الأمريكي لن يدوم لتنتهي هذه المسرحية المؤلمة التي تسجل فصولها الأخيرة.
رقم العدد 15887

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار