الهريسة والسياسة ..!؟

الجماهير / بقلم حميدي هلال
دعتنا أم العيال على وجبة هريسة لم نتذوقها منذ سنوات ، والعيال في عمر العشر سنوات وما قبل لم يتعرفوا عليها سابقاً بحكم الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها الأسرة ، ما شكل حالة من الخوف والرعب من هذه الأكلة الغريبة والوافدة والمستجدة على بيتنا ..!! فأرادوا أن يطلقوا عليها تسمية ” كورونا ” من باب السخرية …!! علماً أن الهريسة موجودة ومنتشرة في بلادنا ، ولكن كونهم اكتشفوها حديثاً فقد باتت مثار جدل وتندر .
كذلك الأمر فقد غلب على ردة الفعل الشعبية حول فيروس كورونا على مواقع التواصل الاجتماعي أسلوب السخرية وكانت في بعض الأحيان طريفة ، ربما لتبديد المخاوف من الوباء ، لكن كذلك للهزل والضحك من قضايا لها علاقة بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وما تمر به البلاد من مخلفات الأزمة .
وقد اختار العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي اعتماد السخرية في التعاطي مع انتشار فيروس كورونا، وذلك بتعليقات تنتقد في بعض الأحيان كيفية التعاطي مع الفيروس، الذي تسرب إلى الكثير من الدول في العالم بينها دول عربية مجاورة .
في الحقيقة لو استطاع أعداؤنا أن يحقنونا فيروس الكورونا حقناً وفرداً فرداً لما قصروا في ذلك حتى يثبتوا أن سورية مصابة بالوباء .؟!!
القصة ليست قصة وباء صحي يجتاح العالم ، القصة فيها ” هريسة ” وبعضاُ من السياسة ، ووراء الأكمة ما وراءها ..!! قد تكون لأهداف اقتصادية ربحية تتكشف لاحقاً كاختراع لقاح مضاد وبيعه ، أو ربما مآرب أخرى ، سنلمسها مع مرور الأيام .
مساء الأربعاء، صنفت منظمة الصحة العالمية كورونا “جائحة”، وهو مصطلح علمي أكثر شدة واتساعا من “الوباء العالمي”، ويرمز إلى الانتشار الدولي للفيروس وعدم انحصاره في دولة واحدة.
التمعن قليلاً بالمشكلة يخرجها من إطارها الصحي إلى الإطار السياسي ، تسليط الضوء على أية قضية يجعل منها ظاهرة ، ولنفترض أن فيروس الكورونا موجود شأنه شأن أي فيروس آخر ، كفيروس الكريب مثلا ، ولكن وضعه تحت المجهر و بقعة الضوء والإنارة حوله يجعله أكثر بروزاً وظهوراً .
لو حيدنا موضوع كورونا ووضعناه جانباً وأخذنا مرضاً آخر وسلطنا عليه الضوء لوجدنا أنه ربما يكون أكثر خطورة من الفيروس المذكور ، ولنضرب مثالاً على ذلك أبسط الإصابات بالنسبة لنا وهي ” التهاب الزائدة الدودية ” و طبقاً لأحدث التقارير الصادرة عن المراكز الطبية العالمية فإن التهاب الزائدة الدودية ينتشر بنسبة ما يقرب من 8% في جميع أنحاء العالم، وهذه النسبة تعتبر مرتفعة، وكذلك الجلطة أو ” السكتة القلبية ” ، ففي دراسة حديثة لمنظمة الصحة العالمية تقول : يعاني 15 مليون شخص في العالم من السكتة سنوياً، 5 ملايين منهم يموتون، و5 ملايين آخرين يبقون عاجزين بشكل دائم، مما يضع عبئاً على الأسرة والمجتمع.
ومما يدلل على أن فيروس كورونا تم الترويج له لأغراض سياسية نستشهد بقول الكاتب البريطاني دانييل فنكلشتاين في مقال له بصحيفة التايمز البريطانية المنشور بتاريخ 4 / 3 / 2020، ” إن عالم السياسة بعد تفشي فيروس كورونا لن يكون مثلما كان قبله، تماما مثلما لم تكن السياسة بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 كالتي كانت قبلها ” .
وكتب فنكلشتاين ” أن فيروس كورونا سيثبت أنه مثل هجمات 11 سبتمبر/أيلول، حيث أصبح فجأة موضوعا لحوار شعبي واسع وصناعة لسياسة عامة ملحة، وأن تأثيره على الوعي العام سيكون من عوامل تغيير التاريخ ” .
وفعلا بدأنا نتلمس النتائج الأولية لذلك الفيروس على الصعيد السياسي فصرنا نشهد أغلب دول العالم بدأت تدور بينها معارك سياسية تستمد زخمها من الفيروس القاتل، من مثل منع العبور والامتناع عن ختم جوازات السفر للقادمين وحتى المغادرين واتهام بعض الدول التي أصيبت بالفيروس بمنع عودة رعايا الدول الأخرى فيها الى بلادهم وتحميلها المسؤولية عن ذلك ، كما استغلت المعارضات في الخارج سلاح كورونا في صراعها ضد حكومات دولها ، فيما حذرت سلطات بعض الدول من محاكمات قضائية وعقوبات بحق مواطنيها وكل من يسعى إلى تسييس الفيروس، مع تصاعد شائعات بشأنه.
كما استغل الإعلام المعادي الفيروس من خلال استهداف بعض الدول من إخفاء معلومات عن مصابين بالفيروس في محاولة لبث الرعب والخوف وزعزعة الثقة بالحكومة ، وعلى صعيد صفحات التواصل الاجتماعي لجأت بعض الحسابات التي تدار من الخارج إلى بث الإشاعات والأخبار المغلوطة حول الإصابة بالفيروس .
وأدى انتشار الفيروس إلى تعليق العمرة والرحلات الجوية وتأجيل أو إلغاء فعاليات رياضية وسياسية واقتصادية ودينية حول العالم، وعمدت إلى الآن 16 دولة إلى إغلاق المدارس في ظل حالة رعب تسود العالم.
بالتأكيد تداعياته لن تتوقف عند هذا الحد ، والمستقبل القريب سيكشف المزيد من الارتدادات التي ستكون أشد وطأة على الدول الصغيرة ولاسيما على الصعيد الاقتصادي كما فعلته الهريسة في بيتي ..!
رقم العدد 15978

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار