أريد بيضة..!!

الجماهير – أسماء خيرو

هز كتفيه الصغيرتين بعفوية .. التفت بوجهه الطفولي الطافح بالاحمرار نحو اليمين والشمال مثبتا عيناه اللتان أغرورقتا بالدمع نحو والده الذي كان على مايبدو يريد أن يصوب يده الغاضبة نحوه ولكن المارة كانوا السد المنيع ، توقف الصغير فجأة وجذب يده بشدة من يد والده وثبت قدماه في الأرض وأخذ يضرب بهما الرصيف معلنا الرفض وعدم الامتثال للأمر ثم هدأ لبرهه ووضع يده الصغيرة في جيب بنطاله وأخرج منه ” لعبة صغيرة” وقطعة نقود معدنية من فئة الخمسة وعشرون ليرة وقبل أن يتوجه بهما بغضب نحو والده ، قبل لعبتة التي بهيئة مقاتل قبلة الوداع الوشيك وبكلماته التي لم تتقن الأبجدية قال بحزم: “أريد نيضة “، خذهما واشتري لي” بيثة”، لماذا لاتشتري لي” نيضة”؟ ،وبفك الرموز الطفولية ، يتبين لك أنه كان يقصد كلمة ” بيضة”، وعلى مايبدو أن المقايضة بأعز مايملك هي كانت سبيله الوحيد ليحصل على مايشتهيه من طعام .
حاول الوالد محادثته وإفهامه أن هذا التصرف لايجدي نفعا وأن اللعبة والنقود المعدنية لاتكفيان ثمن البيض وأنه سيشتري له بيض في يوم آخر إلا أنه لم يقتنع وظل يردد جملته تلك مستخدما جميع أدوات النفي إلى أن حمله والده رغما عنه ومضى به إلى وجهته والشتائم تتطاير من فمه لاعناً فيها زمن كورونا ووحش الغلاء..
هو موقف واحد ،لم يستغرق من مجرى الزمن شيئاً ومثله مواقف كثيرة تسعى إليك لتطرق سمعك وتثير نظرك فتختزل في كلمات قليلة واقعاً ثقيلاً أرهق أنفاس وكاهل المواطن من وحش الغلاء الذي زلزل جيوب المواطن برعاية “فايروس كورونا”.
وهنا نطرح سؤالاً بالغ الأهمية جاء من وحي تصرف الطفل ما الذي تبقي للمواطن الحلبي ليقايض به معيشة خالية من غلاء فاحش لايرحم ؟!

رقم العدد ١٥٩٩٨

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار