علانية القرار

 

الجماهير / بقلم حميدي هلال

طالما أننا نقضي مزيدا من الوقت هذه الأيام في منازلنا وفي الفضاءات الرقمية، فهي تمثل لنا جميعا لحظة للتأمل .
وأنا أتأمل حالة الارتياح العام – وفق رؤيتي الشخصية- التي انعكست إثر خروج السيد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الى العلن ومواجهة الصحفيين دون حواجز ، رأيت فيها خطوة متقدمة الى الشفافية والمصارحة ومواجهة الجمهور وكسر للحواجز و تساعد على المشاركة بفعالية لتطوير نواحي الخدمة جميعها التي شكلت حالة قلق وخوف لدى المواطنين لمسناها عن كثب من خلال الصفحات الزرقاء – مع تحفظي على حقيقة أن مقياس الرأي العام من خلال الفيسبوك فيه نوع من التضليل على مبدأ رأي القطيع ، أو عدوى الرأي- وهذه لها بحث وتحليل يأتيان في مقام آخر .
قمة الشفافية أن تخرج الحكومة والأجهزة الإدارية العامة من مكاتبها ؛ حتى لو كانت تلك المكاتب من زجاج، بحيث يرى الجميع بوضوح ما تقوم به من أعمال، وما تباشره من مهام، وتديره من برامج، وترتبط به من علاقات، والكيفية التي تمارس فيها كل ذلك طالما أنها تتعلق بمعيشة الناس وهمها اليومي .
ينطبق ذلك على جميع أعمال الحكومة بوزاراتها المختلفة، التي يتضمن عملها تأثيرا على مصلحة الجمهور، بغية الحد من السياسات غير المعلنة ” سياسات ما خلف الكواليس ” التي تتسم بالغموض وعدم مشاركة الجمهور فيها بشكل واضح.
ومن حق المواطن أن يحصل على معلومات كافية وافية حول المعاملات والإجراءات المرتبطة بمصالحه، عبر وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة ” ، التلفزيون، الإذاعة ” ، بالإضافة إلى الاجتماعات واللقاءات الدورية والمؤتمرات الصحفية التي تتيح للمواطن التعرف على حقوقه وواجباته، والإلمام بمختلف الأنظمة والقوانين كأنظمة وقوانين مكافحة الفساد الإداري على سبيل المثال.
علانية القرار مطلوبة بالعمل الحكومي ، فالقرار السري لا يمكن أن يناقش، والأعمال الخفية لا يمكن المساءلة عنها، وأن حجب المعلومات عن المواطنين كفيل بتعطيل المشاركة، التي من غيرها يصعب الوصول إلى حلول ناجعة .
كما يجب تمكين المواطن من الاعتراض المبرر والموثق على أعمال الحكومة التي لا يوافق عليها للمصلحة العامة، وتجعل الموظف العمومي أكثر حذرا وحرصا في أعماله خشية المساءلة من المواطنين، وتوسيع فرص المشاركة في صنع قواعد المجتمع وتشريعاته من كل الأطراف ذات العلاقة، وتوفير قيم التعاون وتضافر الجهود ووضوح النتائج من خلال اتخاذ قرارات جماعية.
هذه الصراحة والشفافية، هي البداية الحقيقية للمضي في الطريق الصحيح، الذي كان علينا أن ننهجه منذ فترة طويلة لمعالجة كافة المشكلات في وقتها وقبل أن تتفاقم وتصل إلى ما وصلت إليه .
رقم العدد ١٦٠١١

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار