عارٌ على الإنسانيّة!

الجماهير- بيانكا ماضيّة

ذات يوم كتب جبران خليل جبران رسالة إلى ماري هاسكل:
“ماري الحبيبة، أبناء شعبي، أبناء جبل لبنان يموتون في مجاعة دبّرتها الحكومة العثمانية، قضى ثمانون ألف شخص حتى الآن، ويموت الآلاف كل يوم، فالأشياء نفسها التي حدثت في أرمينيا تحدث في سورية!…
أيمكنك أن تتخيّلي يا ماري ما أمرّ به الآن؟ لا أستطيع الأكل، ولا النوم، ولا الراحة، والسوريون جميعهم هنا يتعرضون للتعذيب بالطريقة نفسها. نحن نحاول أن نقوم بما في وسعنا، علينا أن ننقذ أولئك الذين لا يزالون على قيد الحياة، آه ماري، كثيرٌ جداً ما نسمعه، كثير جداً.
صلّي لأجلنا يا ماري الحبيبة: ساعدينا من خلال تفكيرك فينا.
كل الحب من خليل الذي يعاني”!.
تلك كانت أحد مؤشرات سياسة الإبادة العرقية والمذهبية التي انتهجها العثمانيون والتي أسفرت عن وجهها بوضوح فاقع في مجازر الأرمن ومجازر سيفو!
فكم من رسائلَ كتبت إثر تلك المجازر والمذابح التي تمّت بحق الإنسانية وإلى الآن مازالت تكتب بحبر الدم..ومازال هناك من لايعترف بهذه المجازر!..
كم من جرائم تمّت بحق البشريّة، ولم تجد قلماً يدوّنها بين صفحات ذكرياته المأساوية؟! أي آهات لفظتها شعوب قبل تعليق أجسادهم على صلبان الآلام؟! أية خطيئة بشرية ارتكبتها تلك الشعوب؟!
إن لم يكن لنا، نحن أصحاب الكلمة والحق والأرض، صوت عالٍ لجعل الآخرين يعترفون بما حصل عبر التاريخ حتى اليوم، وأخصّ هنا المجازر والمذابح التي ارتكبت بحق السوريين، فكل تاريخ يُكتب ولا يتضمن هذه المجازر التاريخية، لا بل ويصفها بكل دقة، كما وصفت الحروب والغزوات العربية في كتب التاريخ، هو عارٌ على الإنسانية جمعاء.
ويسألني صديقي: أمازلت تشعرين بذاك الانتماء إلى قوميّةٍ أُبيد أصحابها ذات قتلٍ وصلب؟!
ياصديقي! لمَ تحصرني في زاوية ضيّقة ضيقَ هذا الحجر المنزلي؟! لمَ تحجرني وكل هذا الفضاء لي؟! أنا لا أنتمي إلى شعب وحسب، أنتمي إلى كل دمٍ أسيل على هذه الأرض، أنتمي إلى مافوق القوميات والأعراق والإثنيات والطوائف، أنتمي إلى أكثر من 1.5 مليون أرمني أبيدوا في حرب عالمية أولى، أنتمي إلى الإنسانيّة جمعاء! كل دمٍ بارد يهرق من أجل الخلاص، لونُه الأحمر هو لونُ دمي!.
رقم العدد ١٦٠٢٤

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار