ليبلّطوا البحرَ .. فلسطين عربيّة

الجماهير – بيانكا ماضيّة
لم تعد النكبة واحدة بل نكبات متعددة مُني بها المشروع القومي الوحدوي، ولكن النكبة الفلسطينيّة هي أساس هذه النكبات، نكبة احتلال المقدسات وطرد الشعب الفلسطيني من أرضه.
سبعة عقود وسنتان مرّت من عمر النكبة الفلسطينية، مأساة لم يشهد التاريخ مثلها، لا بل تماثلها في الوقائع والتهجير المأساة السورية.. ملايين من أبناء الشعب الفلسطيني شرّدوا من وطنهم التاريخي وتم إحلال مستوطنين جدد جُلبوا من الشتات؛ لتكون أرض فلسطين وطناً لهم، تطبيقاً عمليّاً لوهم تاريخي دوّنته المخيلة الصهيونيّة ليكون واقعاً لا مفرّ منه إلا بالسلاح، ولكن نكبة فلسطين لم تكن تهجيراً واحتلالاً وحسب، بل كانت عملية تطهيرٍ عرقيّ وتدميرٍ وطردٍ لشعب أعزل وإحلال شعب آخر مكانه، ومازلنا نرى بأم أعيننا اليوم وبعد مضي 72 عاماً على نكبة فلسطين كيف يتم الاعتداء على المقدسات والاعتداء على الإنسان الفلسطيني، وكيف يتم طرده وتدميره…
شعب مشتت في كل أصقاع المعمورة، محروم من حقوقه، ولكن في المقابل تنادي الدعاية الصهيونيّة بحق تاريخي تدعيه، وماهو إلا شكلٌ من أشكال الأساطير التاريخية، تنفيه الوقائع والحقائق والمخطوطات التي تؤكد دور الوقائع التاريخية في تشكل تركيبة سكان فلسطين..
في العام الماضي كشفت صحيفة صهيونية عن قيام فرق من وزارة حرب الاحتلال الإسرائيلي، بإزالة مجموعات من الوثائق التاريخية، منذ أوائل العقد الماضي، تتعلق باحتلال فلسطين عام 1948، والفظائع التي رافقته، وكانت تقول فيها إن إحدى أبرز الوثائق المذهلة حول أصل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، كتبها أحد الضباط موجهة إلى جهاز الأمن العام “الشاباك”، يناقش فيها سبب إفراغ البلاد من العديد من سكانها العرب، مع التركيز على ظروف كل قرية.. وتؤكد هذه الوثيقة مغادرة 70% من العرب نتيجة العمليات العسكرية الصهيونية!
وأنه تم تجميع هذه الوثائق في أواخر حزيران 1948، تحت عنوان: “هجرة عرب فلسطين” وأن هذه الوثيقة هي الأساس لمقال نشره باحث إسرائيلي في عام 1986. وبعد ظهور هذا المقال، تمت إزالة المستند من الأرشيف وتم حجب وصول الباحثين إليه. وبعد سنوات، قام فريق إدارة الأمن السرية بإعادة فحص الوثيقة، وأمر أن تظلّ سرية!!!..
عشرات الآلاف من الفلسطينيين اضطروا إلى ترك ممتلكاتهم وعقاراتهم خوفاً من أن يتم إلحاق الأذى بهم، بعد أنباء عن مجازر ارتكبتها عصابات صهيونية في عدد من القرى والبلدات الفلسطينية قبل العام 1948، ولكن نتيجة لنكبة عام 1948، لجأ عشرات آلاف الفلسطينيين إلى دول عربية مجاورة، وإلى الضفة الغربية وقطاع غزة، تاركين خلفهم بيوتهم وشهادات ملكيتهم لها.
إذاً الوثائق تدلل على أحقية الشعب الفلسطيني بأرضه ووطنه، والشعب الفلسطيني بقي على العهد ولذلك ستبقى فلسطين قضية الشرفاء من أحرار الأمة الذين على كاهلهم يقع تحرير هذه الأرض العربية من أيدي محتليها، تحرير لابد من أن يُنجز في يوم ما، طال الزمن أم قصر، ولهذا تستمر مقاومة الشرفاء من الأمة إذ لا بد من العودة إلى فلسطين عاجلاً أو آجلاً.
فلسطين عربيّة، و”ليبلطوا البحر”، كما قال يوماً المناضل من قلب فلسطين المطران إيلاريون كبّوجي.
رقم العدد ١٦٠٤٣

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار