دراجات للصحفيين!

 

الجماهير- بيانكا ماضيّة

ونحن في خضم حديثنا اليومي عن الغلاء الفاحش الذي ضرب البلاد طولاً وعرضاً، واستكمالاً لحلول التقشّف التي اقترحناها؛ بحثاً عن وسيلة أخرى من وسائل التخفيف عن الضغط المُمارس على الراتب، والذي تسببه رُكبة ذاك الغلاء فتكاد تخنق أنفاسه.. لم نجد، نحن الصحفيين المحررين في الجريدة، وقد اجتمعنا في إحدى الغرف، سوى أن نفكر بمقترح حلّ يخفف من مصاريف المواصلات التي تشكل عبئاً إضافياً على الراتب.. فاقترحت فكرة شراء دراجات (بسكليتات) للمحررين، وبغضّ النظر عن ثمنه الذي وجدنا له حلاً أيضاً، وهو التقسيط، فإننا سرحنا في موضوع الدراجة بحد ذاته، إذ تفتّقت قريحة الزملاء، وعودةً بالذاكرة عقوداً من السنين إلى الخلف، للحديث عن تاريخ الدراجات لدى الصحفيين، وأنا منهم. فلكل واحد منّا ذكريات مع الدراجة، تبدأ بشكله وتجهيزاته وزموره وجرسه ومقعده ولاتنتهي بالدواليب والدعسات.
ليست القصة هنا، رغم أن قريحة الزميل أنطوان تفتّقت عن تلك البهلوانيات التي كان يقوم بها بدراجته لجذب أنظار بنت الجيران التي كان يحبّها، وسعيه في أغلب الأحيان على ترقيع المشكلات التي تنجم عن عطل إحدى أدوات تلك الدراجة، ومنها أنه كان يضع في جيبه (لزقة) جاهزة تعينه على لصق الثقب الذي قد يحصل في الدولاب، وأن نشوته العارمة كانت تكمن في تركيبه “الأنتين” الخلفي إذ كان يشعر، في أثناء سرعته وميل “الأنتين “على الجانبين، وكأنه يقود سيارة فاخرة.
فيما ذاكرة الزميل مصطفى عادت به إلى المرة الأولى التي قاد بها الدراجة في صغره، وذلك في ممر الجريدة نفسها، حين كان والده الأستاذ خالد يعمل آنذاك محرراً فيها منذ عشرات السنين، فكانت النشوة العارمة لدى مصطفى في قيادته لها بسرعة متنقّلاً من غرفة إلى أخرى وتشفيطاته في المبنى.
ليست هنا القصة، رغم أن الزميل أحمد الذي شاركنا ذكرياته عن دراجته لم يبقِ حادثة مرت معه إلا وذكرها لنا، فيما ذاكرتي عادت إلى سنوات الطفولة حين ركبت خلف أخي على دراجتنا ونزلنا نزلة (الرّام)، وماكان في وسط النزلة إلا أن قلبنا عدة قلبات أدت بنا إلى جروح غير قاتلة.
ليست القصة هنا وإنما في عودتنا إلى موضوع شراء الدراجات إذ تفتّق ذهن الزميل أحمد عن أن شكل الدراجة التي سيتم شراؤها لرئيس التحرير وأمين التحرير يجب أن يختلف عن شكل دراجات الآخرين؛ وهكذا ضحكنا في هذه الجلسة ضحكاً شديداً لم نكن قد وصلنا إليه من قبل الحرب، ترفيهاً لنا عن المعاناة التي نعانيها، وترويحاً عن المشكلات التي نواجهها.
رقم العدد ١٦٠٦٥

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار