وقد كحّلها باسمه!

 

الجماهير -بيانكا ماضيّة

وفيما أنا عائدة من العمل، أسير في الشارع والشمس الحارقة تلفحني، وأغصان الأشجار تتمايل على خطواتي التسلليّة (هكذا شعرت)، سمعت اثنين يمشيان خلفي، يقول أحدهما للآخر:
المشروبات التي في المطاعم أليست بالعملة الصعبة؟!
قلت في نفسي: اي وإذا؟!..
وتابعت سيري، فإذا ببائع الدخان على ناصية الشارع وقد وضع أغنية (غريبة الناس، غريبة الدنيا ديه) ضحكت في سرّي، وتابعت سيري، قطعت الشارع فإذا بصبيّة تخرج من أحد الأبنية، تحمل كيساً وفوقه تظهر البالونات الصغيرة الملونة ويبدو أن في داخل الكيس هدية، نظرت إلى يميني فإذا بمحل أحذية نسائية، كل الأحذية الصيفية التي عرضت في الواجهة، حمراء اللون، وتساءلت في سرّي: أيكون اليوم أو غداً عيد الحب؟! توقفت لأقرأ الأسعار فلم تكن موجودة.. مافي داع أصلاً، فلن أشتريها أنا !..
ومررت من أمام محل بائع الكاتو، اختلست النظر بطرف عيني، وتابعت السير، وإذا بالبائع من داخل المحل يصرخ وكأنه يحدّث أحداً على طرف آخر: مافي فطاير مافي!.
قلت في نفسي مافي غير مرته بصيح في وجهها هيك..الله يكون بعونك!.
وتابعت سيري وإذا بصوت عال يأتي من على يساري: سورية بخير، بكرا أحلى.. التفت قليلاً فرأيت شاباً وقد قفز من أمام السيارة المركونة على جانب الرصيف ليستقبل صديقه بالأحضان، ابتسمت وقلت في سرّي: برافو.
وتابعت سيري وأنا أفكر في الطبخة التي لابد من طبخها اليوم، أسعار المواد التي تلزمني للطبخة تساوي ثمن وليمة معتبرة في الزمن الماضي..وبلا طبخة اليوم مارح نموت من الجوع..من شو بيشكي البيض المسلوق مع بطاطا مسلوقة، مابعرف شو بسمّوها هالأكلة، لأن ولا مرة عملتها؟!
دخلت أحد المحال الخالية من البشر، كان البائع يعمل على آلته الحاسبة، وطلبت خمس بيضات، نقدته ثمنها خمسمئة ليرة سورية ومضيت.
دخلت الشارع المؤدي إلى بيتنا، فرأيت أولاد الجيران يلعبون بالكرة في الحارة، أحدهم يقول للآخر: من وقت ما لعبنا لهلأ وأنت ماعم تعرف تشوط ! سلمت على ابن جيراننا الصغير وهمست في أذنه: شوطها أنت ودخّل كول. ضحك ضحك وقال لي: من أول اللعبة وأنا عم دخل اكوال.. أجبته: برافو ياشاطر!
صعدت البناء ودخلت البيت، نظر أبي إلى ما في يدي: شو جبتيلنا اليوم؟!
ضحكت وأجبته: خمس بيضات بعيون الشيطان.. قال:
– يعني هلأ الأكلة شو؟! قلت له: خبيصة البيض والبطاطا. ضحك..
قلت له:
– شوف بابا، الموضوع بده صمود.. أجابني:
– وك نحن أهل الصمود.. خبيصة خبيصة لعيون الله وسورية.
قلت له مع غمزة: وبس؟!
– وك شو وبس؟! الله وسورية وبشار!.
– اي ها، هلأ كحّلتها!.
رقم العدد 16068

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار