الجماهير- بيانكا ماضيّة
في طريقي إلى العمل، رأيت رجلاً بثياب رثّة آتياً من البعيد على الرصيف نفسه الذي أمشي عليه، يميل ذات اليمين وذات الشمال، وما إن أصبح قريباً مني حتى تطلع إليّ وقال: وبدّك تحكي بالسياسة؟!
انتفضتُ وتطلعتُ إليه باستغرابٍ ودهشة، وكادت ضحكة مجلجلة تنطلق من حنجرتي، لكني كبتّها واكتفيت بابتسامة غير ظاهرة، وقلت في نفسي: لم أتكلم بعد، طوّل بالك!
وتابعت طريقي، وإذ بأوراق انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الثالث تنهال عليّ من أمام أحد المراكز الانتخابيّة، تناولت الورقة من يد أحد الذين يوزعونها على الباب، ونظرت في قائمة الأسماء، محمد ومارييت ومعن وثناء ومازن ولوسي لا أعرفهم، سلوم وفيصل ونجدة وبطرس أعرفهم، يستحقون الإدلاء بصوتي لهم.. ولم أدخل المركز، وتابعت سيري، وإذ بمركز آخر، وانهالت أيضاً الأوراق من كل حدب وصوب، أسماء بعضها مكتوب بخط اليد، وأنا لا أقبل أن يكون اسم مكتوب على الورقة التي سأضعها في الصندوق بخطٍ غير خطي، يجب اختيار الأسماء بدقة، فالناجحون يمثلوننا في مجلس الشعب، أي أننا نحن من اختارهم..ولم أدخل المركز إذ أرجأت الانتخاب لما بعد الانتهاء من العمل، فهناك مواد ستُرسل من قبل المحررين الذين كلّفوا بتغطية العمليّة الانتخابيّة، ويجب متابعتها مع زميلي أمين التحرير للشؤون المحلية و الاقتصادية وقراءتها وتصحيحها وإرسالها لرئيس التحرير للنشر..
أقرأ الأخبار الجديدة، وأول خبر أطالعه:
– أدلى السيد الرئيس بشار الأسد والسيدة أسماء الأسد صباح اليوم بصوتيهما في انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الثالث، وذلك في المركز الانتخابي بوزارة شؤون رئاسة الجمهورية.
والخبر الثاني: اللجنة القضائية العليا للانتخابات تعلن أن عدد المرشحين لانتخابات مجلس الشعب في دورته التشريعية الثالثة بلغ 2100 مرشح في جميع المحافظات..
جميل جداً..
– “الغارديان”: جميع التوقعات تشير إلى هزيمة ترامب في الانتخابات المقبلة..
رائع جداً جداً..
أفتح موقع التواصل الاجتماعي، أرى صديقي المتابع للأخبار والتحليلات والقصائد واللوحات الفنيّة وأخبار الحروب على التخوم كلها، متصلاً، أسأله عن رأيه بالانتخابات، فيقول لي: إنها انتخابات شعبيّة بكل ما تعنيه الكلمة، رأيتها كعرس أو مهرجان أو احتفال، هناك نساء أطلقت الزغاريد وكأنهنّ في عرس، شاهدت كبار السن الذين لا يعنيهم الموضوع، هناك عرس جماهيري وردّ حاسم من الشعب السوري على قانون قيصر، أرادوا تحريض الشارع السوري على دولته وقيادته بخنقه اقتصادياً، فتحداهم هذا الشارع بالتفاف الجماهير حول قيادتها.. عشر سنوات لم تغير من عزيمة هذا الشعب، أليس المقصود تأليب الرأي العام ضد سورية ؟! هذه هي النتيجة! لقد أثبت الإقبال المنقطع النظير على الانتخابات أن سورية غنيّة بشعبها وقيادتها، إنها لصفعة قوية على وجه ترامب الذي يستجدي الشارع الأمريكي اليوم لانتخابه!.
نهاية، نسيت أن أقول إنني في طريقي إلى العمل وجدت الشوارع خالية من الناس إلا قليلاً، فيما غصّت بهم المراكز الانتخابيّة.!.
رقم العدد 16107