بوصلة المحبة والولاء غدير ” خم “

الجماهير – بقلم الشيخ الدكتور ربيع حسن كوكة

كرامُ الحِمى عنكم ستنفعُنا الذكرى..
ومنكم تعلّمنا، وأنتم بنا أدرى
حياتُكمُ صفو وقربُكمُ رضا..
قبورُكُمُ حبّاً مَمسوحةُ الغَبْرا
نواليكُمُ طول الحياة فإن نمُتْ..
يكون الولا فينا لأجيالنا تترا

في الزمان ذكريات لا تُنسى، وأحداث كان لها أعظم الأثر في تاريخ الأمم، أسست لفكر ورسمت منهج الحياة.
من هذه الأحداث حادثة غدير خم في الثامن عشر من شهر ذي الحجة بعد حجة الوداع التي حجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إنه الزمان الذي تتجدد ذكراه في كل عام كما في هذا العام.
إنه الحادث الذي أثر في قلوب المؤمنين، ونبّه عقولهم للسبيل التي ينبغي أن تتوجه إليها بوصلة ولائهم وتسير فيها فلك محبّتهم.
فقد روى في كُتب السنن والسيرة عن الصحابي الجليل زيد بن الأرقم قال: قام رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يومًا فينا خطيبًا. بماءٍ يُدعَى خُمًّا. بين مكةَ والمدينةِ. فحمد اللهَ وأثنى عليه. ووعظ وذكَّر. ثم قال ” أما بعدُ. ألا أيها الناسُ ! فإنما أنا بشرٌ يوشك أن يأتيَ رسولُ ربِّي فأُجيبُ. وأنا تاركٌ فيكم ثقلَينِ : أولُهما كتابُ اللهِ فيه الهدى والنورُ فخذوا بكتاب اللهِ . واستمسِكوا به ” فحثَّ على كتابِ اللهِ ورغب فيه. ثم قال ” وأهلُ بيتي. أُذكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي. أُذَكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي. أُذكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي”. فقيل للراوي: ومَن أهلُ بيتِه ؟ يا زيدُ ! أليس نساؤه من أهلِ بيته ؟ قال : نساؤه من أهلِ بيتِه. ولكن أهلُ بيتِه من حُرِمَ الصدقةَ بعده. قال: وهم ؟ قال : هم آلُ عليٍّ ، وآلُ عَقيلٍ ، وآلُ جعفرَ، وآلُ عباسٍ . قال : كلُّ هؤلاءِ حُرِمَ الصدقةَ ؟ قال: نعم . وزاد في حديثِ آخر ” كتابُ اللهِ فيه الهُدى والنورِ. من استمسَك به، وأخَذ به، كان على الهُدى. ومن أخطأه، ضلّ) رواه مسلم .. وفي رواية أخرى أنه أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد سيدنا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وقال:
“من كنت مولاه فعلي مولاه” رواه الترمذي، وفي رواية “اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله”.
وقد حظيت هذه الحادثة لدى سائر المسلمين بالاهتمام والتطبيق، وبعيداً عن أي خلافٍ مذهبي تُشكل هذه الحادثة حجر الزاوية في محبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وموالاتهم ونصرتهم.
ولا تُنقص أو تقلل من قيمة سائر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل تُظهر عظيم مقام سيدنا سيف الله الغالب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب..
إنها ذكرى بيان الفضل، وإظهار الرضا، والدعاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل من والى سيدنا علي رضي الله عنه، إلى يوم الدين.
ولقد تناول الشعراء هذه الحادثة ونظموا فيها الأشعار، وكان أولهم شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت، وكان قد ألقاها يوم غدير خم بمحضر من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال:
يناديهم يوم الغدير نبيهـــــم..
بخــــمٍ واسمع الرسول مناديـــــــا
فقال: فمن مولاكـــم ونبيكم..
فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميـــــــا
إلهــــــــــك مولانا وأنت نبينا…
ولم تلق منا في الولاية عاصيــــــا
فقال له : قم يا علـي فإنني…
رضيتك من بعدي إماماً وهاديــــــا
فمن كنت مولاه فهذا وليـــه…
فكونوا له اتباع صدق مواليــــــــــا
هناك دعا اللهم وال وليَّـــــه…
وكن للذي عادا علياً معاديـــــــــــا
فيا رب انصر ناصريه لنصرهم…..
إمام هدىً كالبدر يجلو الدياجيــا
وها هو الكميت يقول:
ويوم الدّوح دوح غدير خمّ..
أبان لنا الولاية لو أُطيعا
وقال السيد الحميري:
قد قام يوم الدوح خير الورى..
بوجهه للناس يستقبلُ
وقال: من كنت مولىً لــــهُ…
فذا له مولىً لكم موئل.
وقال سيدنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بعد ذلك مخاطباً بعض الأصحاب:
سبقتكم إلى الإسلام طرّاً..
غلاماً ما بلغتُ أوان حلمي
وأوجب لي الولاء معاً عليكم ..
خليلي يوم دوحِ غدير خم.
رقم العدد ١٦١٢٧

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار