سياسة تجفيف العروق..

الجماهير / بقلم حميدي هلال

غالباً ما تدفع الأكباد الرطبة أثمان الاحتقار السياسي ولعنات الشيطان وأطماع التوسع والشراسة الحيوانية وعقدة السلطان على حساب الشعوب المقهورة ..
في الوقت الذي يجثم فيه الإحتلال التركي على منابع المياه ومواردها ويستهدف مرافقها في الحسكة ..
لا يزال أهلنا هناك يرددون منذ عام ونيف عبارتهم التي أدمنت عليها الأسماع ولم يعد لها رجع صدى ” اللهم جاء الظمأ ، وجفت العروق “..!
لقد جف الضرع ويبس الزرع وأخذت الأرواح الغضة تلهث من العطش وسط صيحات واستغاثات بلغ صداها المدى ، يقابلها التجاهل والصمت الإنساني المطبق عالمياً وعربياً ..
قد أبدو مغرقاً في التفاؤل لو عولت على أكثر من أربعة ملايين عربي سوري سليل هذه الأرض ومن اقتات يوماً ” بكرامة ” على قمح الجزيرة وشرب من مياهها .
أربعة ملايين سوري وأكثر ممن يحملون الإقامة التركية ” الكملك ” وغيرهم من غير الشرعيين، يقبعون اليوم تحت أروقة النظام التركي يعيشون كالأيتام على موائد اللئام ، أعول على أولئك أن يخرجوا زرافات ووحدانا ، أن يرفعوا الصوت ، والصوت فقط في شوارع اسطنبول ، أو على صفحات الفيسبوك وذلك أضعف الإيمان ، مطالبين برفع الظلم عن أهاليهم في الحسكة ..
ويكفيهم أيضاً الجلوس في بيوتهم يوماً واحداً معلنين احتجاجهم ، لتتعطل المصانع و المعامل والورش التركية القائمة على عرقهم وتعبهم بأبخس الأجور .
وفي أيديهم الكثير مما يفعلونه ..
وكذلك مغتربونا في شتات العالم ، ممن تجري في عروقهم الدماء السورية ، أناشد فيهم النخوة ، بأن على الأرض التي ولدوا عليها هناك من يستحق الماء والحياة ..
وأما أهلنا في الحسكة فنقول لهم إننا أعرف الناس بمعاناتكم ، ولو كان بوسعنا لقطرنا إليكم الملايين من أكياس السيرومات من الماء لتمدكم بالحياة ، أو حتى أن نتبرع لكم بدمائنا لما قصرنا ..
مطلوب منكم الصمود كما صمد أهالي دير الزور وحلب لسنوات من الحصار ، فقاموا بحفر المزيد من الآبار ، وإعادة استثمار المعطل منها.
املؤوا قواريركم من مطر السماء ، وندى الارض ، فالسلطان التركي يريد أن يستخدمكم كورقة ثمينة للمساومة والضغط علينا في ملفات عدة للحصول على امتيازات يطمع بها على أرضنا في إطار حلمه العثماني .
ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي تُقدِم فيها تركيا على استهداف المياه في سورية، وتتعمد تعطيشنا، كجزء من مشروع أكبر للسيطرة على المنطقة بأكملها من خلال بناء سلسلة من السدود للتحكم في مياه المنطقة ، وإعادة أمجاد الإمبراطورية الفاشية العثمانية التي جوَّعت وعطَّشت وقتلت الشعوب والتاريخ شاهد..
سياسة اللص أردوغان واضحة في إرغام أهالي الحسكة على القبول بالإملاءات التي تفرضها حكومته ، أو تهجير أهالي المنطقة بحثاً عن المياه ..
وهذا ما لن يتحقق بصمودكم ووطنيتكم ..
رقم العدد 16140