الجماهير – الشيخ الدكتور ربيع حسن كوكة
تُعقد النية على تشكيل حكومة جديدة في وطننا الغالي ، ولعل العبارة الأولى التي طرقت الفكر هي: أسأل الله أن يكونوا طيبين.
فالطيبة صفةٌ عظيمةٌ وجامعة وكم نلتقي في حياتنا بأناس طيبين، يحملون نفساً راضيةً في تعاملهم مع الآخرين، فيتركون في النفوس بصمةً لا تحول، وفي المجتمع أثراً لا يزول.
ذلك أن طيبة الإنسان في تعاملاته تزرعُ المحبة له في القلوب، وتكون سبباً لسلامة صاحبها من الأمراض النفسية وغيرها.
وحقيقة معنى الطيبة هي: سلامة الصدر، وصفاء النفس، ورقة القلب…، ولها منعكساتٌ عظيمة على الأخلاق وعلى السلوك كالتفاني في فعل الخير والسماحة والسكينة والوفاء.
ومعنى الطيب في اللغة: الطاهر والنظيف وذو الأمن والخير الكثير، والذي لا خبث فيه ولا غدر..
وما أحوجنا لمن يتصف بهذه الصفات ليكون في سُدّة المسؤولية.
وإن المجتمع الذي يقل فيه الطيبون يصبح مجتمعاً تغلب عليه صفات المكر والمكيدة والخبث وسوء الظن والغدر والرشوة والاستهتار.
لقد أُُجريت الكثير من الدراسات في العديد من مراكز الأبحاث في العالم حول أفعال الطيبين الخيّرة وتبين أنها في الغالب أقرب إلى فطرة النفس البشرية، لذا تخلق هذه الأفعال في النفس شعوراً بالرضا.
وأظهرت تلك الدراسات أن للطيبة آثار ايجابية في الدماغ منها السعادة، وأن تلك الطيبة يمكنها أن تكون سبباً في إطالة عمر الإنسان فالناس الذين يميلون بانتظام إلى إسداء فعل الخير والطيبة للآخرين، معرضون لاحتمال الموت بنسبة أقل ممن لا يفعلون الخير، وذلك على امتداد فترة لا تقل عن خمسة أعوام مقبلة.
وثمة واحدة من أكثر المسائل إثارة في هذه الأبحاث، هي أنّ من وقع عليهم فعل الخير، لم يتحسن أداؤهم العمري أسوة بفاعلي الخير، وهكذا انحصرت فائدة الطيبة على هذا المستوى بفاعلها دون المتلقي لها.
وما يمكن أن يُدهش في أثار الطيبة أنها قد تُعدي حيث أنه إذا شُوهد أحد الناس مُقدماً على فعل الخير، ينمّي عند الآخرين مشاعر طيبة تدفعهم للإتيان بأفعال خ مشابهة لذلك الفعل، وهكذا فإن الطيبة يمكن أن تجعل من العالم مكاناً أكثر سعادةً ونقاءً وملائمةً للعيش فيه.
ولذلك نجد رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم يؤكد على أن الطيبة أعظم ما يُعطاه الإنسان من النعيم حيث قال: صلى الله عليه وسلم: (طيب النفس خير من النعيم). رواه ابن ماجة.
وإن من يتمتع بالطيبة يكون نقي القلب سليم السريرة ولذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس) راه البخاري.
إن غلبة التعامل بالطيبة، ونقاء المجتمع من الخبث، حصانة من غضب الله تعالى، وبناءٌ وتطويرٌ للمجتمع؛ ولذلك تساءلت السيدة زينب زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: أنهلك وفينا الصالحون؟ فأجابها النبي صلى الله عليه وسلم: “نعم، إذا كثر الخبث”.
اللهم أكثر الطيبين في وطننا وأبعد الخبيثين وأهل الفساد يا رب العالمين.
رقم العدد ١٦١٤٥