الإرادة والتجريب

 

الجماهير – حسن العجيلي

وجهان عكستهما أزمة البنزين الحالية بكل تفاصيلها من طوابير الانتظار على محطات الوقود والانتقاد الشديد من المواطنين لآليات التوزيع وبعض التجاوزات التي حصلت من ضعاف النفوس وصولاً إلى الأمل الذي كان موجوداً بانفراج الأزمة.
ومن الطبيعي أن تحدث مقارنة بكل هذه التفاصيل والتي ظهرت وبقوة مع انهاء أبطال مصفاة بانياس لأعمال العمرة والصيانة وقد سبق نور ابتسامة نصرهم نار الشعلة التي آذنت ببدء العمل بالمصفاة وانتاج البنزين، وهو نصر استحقوا عليه التكريم لأنهم تغلبوا على المعيقات وأثبتوا قدرة المواطن السوري بالتغلب على الحصار وبإمكاناتهم المتواضعة حققوا المستحيل الذي يثق كل مواطن سوري بالقدرة على الانتصار عليه وقد خبروا سنوات الحرب الإرهابية بكل تفاصيل قسوتها وتعايشوا مع ظروفها وانتصروا عليها .
على المقلب الآخر فأزمة البنزين أظهرت كذلك وجهاً معاكساً لوجه التحدي والانتصار فطوابير الانتظار بقيت علامة فارقة على كل محطات الوقود والتي لم تكن قلة الموارد السبب الوحيد لها ” مع أنه سبب أساسي ومسبب لهذه الحالة ” إلا أن حالة الإرباك الذي ظهر جلياً من خلال تغيير آليات وبرامج التوزيع بعد كل اجتماع أو جولة للمعنيين ، فمرة السماح بالبيع ليلاً وهذا لم يستمر ، ومرة تخصيص محطات للسيارات العامة ، ومرة بتنظيم دور بحسب أرقام السيارات ودور للنساء ومحطات للسيارات الحكومية ومرة تخصيص عدد من المحطات للتوزيع فقط وهذه نقطة طرحت عدة إشارات استفهام فمحطات كانت ترسل لها طلبات يومياً ومحطات أقل بكثير … الخ من تجارب عاشها وعايشها المواطن ، وكل هذه ” التجارب ” كما يسميها المعنيون لم تسهم في التخفيف من الأزمة أو تنظيمها وفتحت بشكل أو بآخر سوقاً سوداء غابت الرقابة عنه .
واللافت في الأمر أن أزمة البنزين هذه ليست الأولى وكانت لنا تجربة معها سابقاً أو مع أي مادة أخرى إلا أن طريقة التعاطي معها وتنظيمها كانت بشكل غير منتظم دون الاستفادة من الأزمات السابقة وكيفية معالجتها كانت حاضرة وبقوة وكأننا في كل مرة نبدأ من الصفر .
بكل الأحوال أزمة البنزين إلى زوال إن شاء الله مع بدء إرسال توريدات إضافية ، إلا أن المشهد بشكل عام فرض هذه المقارنة بين صورتين الأولى تحدي الظروف والانتصار عليها بعمل خلاق والثانية منهج التجريب دون الاستفادة من الدروس السابقة.
ما نحتاجه اليوم هو عمل خلاق وإرادة صادقة والاستفادة من كل الدروس السابقة لنتغلب على الظروف التي يفرضها أعداء الوطن ، ولتكن صورة عمال المصفاة وإنجازهم حافزاً للجميع ليبدعوا ويبتكروا حلولاً ناجعة بعيداً عن التجريب كما أسلفنا.
رقم العدد 16181

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار