الجماهير- بيانكا ماضيّة
وعلى أطلال أرضه التي احترقت، جلس والدموع تنهمر من عينيه على موسم كان ينتظره، وحيداً تأكل النيران قلبه، هنا كان في الأمس يقلّم الأشجار، ينزع الأشواك عن محيطها، يسقيها بماء عينيه، ليرى زيتوناً وزيتاً مباركاً.. يابلد الزيتون ماذا حلّ بك بعد اخضرار؟!
خارجين من بيوتهم يحملون قلوبهم على أيديهم، ليس بإمكانهم فعل شيء، سوى الدعاء، اللهم خفف هذا البلاء، واحسر النار عن الجوار.. عيونهم باكية، قلوبهم مطعونة بألف خنجر وخنجر، فقراء، بؤساء، لم يكن قوتهم سوى ماتنتجه هذه الأرض، فإلى أين يذهبون؟!
سوداء قاحلة.. هذا ما آلت إليه الجبال والوديان والغابات، أي سواد يلفّ هذا العالم؟! أي سواد في القلوب الجاحدة؟! الناكرة لكل بذرة خير في هذي البلاد!.
الرماد ينتشر في كل البقاع، تلوّح الغابات بأيدي الرحيل، وتأبى إلا أن تنشر حزنها بكثير من رماد، رماد أصبحت قلوبنا بعد أن أكلتها نيران الخيانة والغدر.
جمعة حزينة مرت على قلوبنا نحن السوريين، حزينة حزن هذه الأرض على كل شجرة احترقت، على كل عشبة كانت تكلل الأرض بالاخضرار، نرى امتداد الحرائق في الغابات والأراضي والجبال، ويمتد الحريق في داخلنا، تأكل النار جوف الأشجار، وتأكل قلوبنا معها، أية كارثة أحلّت بالبلاد؟! أي إجرام هذا يطال الشجر والبشر؟!
أحرقوك ياسورية، وسرقوك وهدموا حضارتك وقتلوا أبناءك، وستبقين رافعة رأسك كتلك الأشجار التي تفحم داخلها وبقيت واقفة رافعة يديها إلى الله بالدعاء: لاتغفر لهم يا الله فهم يعرفون مايفعلون!.
رقم العدد ١٦١٩٠