الجماهير- بيانكا ماضيّة
ما إن دخلت العالم الأزرق (الافتراضي) حتى طالعتني في إحدى صفحات الأصدقاء أغنية للفنان المبدع إلياس كرم، يغني فيها لسورية على مقام الكورد الشجي، يقول في بدايتها:
بدعيلا من قلبي ماحدا يئذيا.. دخيلك ياربي تحفظلي سورية
أعدت المقطع عدة مرات وحفظت اللحن والكلمات، وما إن بدأت بغناء المقطع الثاني مع إلياس كرم والذي يقول فيه (سورية بلدي الحلوي.. أهلا كلّون وطنيين) حتى غصصت وتحشرج صوتي، وأدمعت عيناي، ولم أستطع أن أكمل الغناء..
“سورية بلدي الحلوي” حلوة بالتأكيد بلادنا، وجميلة ورائعة الجمال، أنّى جلت بناظريك كنت ترى الجمال يطلّ من خلف الأفق، ولكن! شوّهوا اليوم هذا الجمال، شوّهوه بحرائقهم لغاباتها وأحراشها وبساتينها، بتدميرهم لحضارتها، غاروا من هذا الجمال الإلهي فأوسعوه ضرباً بسيوفهم، ورشقاً ببنادقهم، وحرقاً بنيرانهم، لم يبقوا مدينة تهنأ بجمالها، ثكلتهم أمهاتهم.
“سورية بلدي الحلوي” صدقت في هذا يافناننا، ولكنك أخطأت في الجملة التي تليها “أهلا كلّون وطنيين” لا.. لم يكن أهلها جميعهم وطنيين، لقد أثبتت الحرب على هذي البلاد الخالبة الألباب أن هناك من دافع عنها بدمه وقوته وأبنائه حتى الشهادة، يرى في هذا الوطن بيته وعرضه، فكيف لايدافع عنه؟! وأن هناك من باع نفسَه للعدو نفسِه، لتلك الأيادي الخارجية الآثمة التي لم تترك وسيلة إلا واستخدمتها للتخريب والقتل والتهجير، دفعت وموّلت بالسلاح والعتاد والمال القذر، فباع نفسَه وباع عرضَه؛ ليخرّب هذا الوطن.. ليسرقه.. ليقتل أبناءه، وأن هناك إلى الآن من يعبث بها، ويعيث فيها فساداً وتخريباً من الداخل، فكيف يكون الجميع على سوية واحدة من هذا الحب لسورية، وكيف يكون أهلها جميعهم وطنيين؟!..
وجهاً لوجه كان السوريون، وجهاً مليئاً بالوطنيّة وعشق الوطن، قدّم روحه ودمه ومازال حتى اللحظة يدفع بالغالي والنفيس لأجل تحريرها من براثن عدو متشبث بمقدراتها ليسرقها، ووجهاً مليئاً بالخيانة والغدر، باع وقبض الثمن، ومازال ينتهز الفرص ليبيع ويشتري.
وجهاً لوجه كان السوريون، ومابينهما كان الرصاص ينهمر!.
رقم العدد ١٦١٩٣