الجماهير – بيانكا ماضيّة
ربما كانت حلب بحاجة لإطلاق برنامج من مثل برنامج (نجم حلب (star of Aleppo منذ زمن بعيد، لأن هذه المدينة التي تشتهر بالأصوات الجميلة لأبنائها، والتي كان لها باع طويل وشهرة في ميادين الغناء والموسيقا والتراث، إذ خرّجت من بين حاراتها وبيوتها أصواتاً أصبحت ذات شهرة عربية وعالمية، هذه المدينة تستحق أن يكون لها برنامج لإطلاق الأصوات الجميلة وتبنيها وتثقيفها فنياً، على غرار البرامج العربية الأخرى التي أطلقت أصواتاً عربيّة وكان من بينها الصوت الحلبي المجلجل..
أذكر أنه قبل الحرب شاركت إحدى السيدات الحلبيّات في برنامج (غنّي مع غسان) للفنان غسان الرحباني، وكان ضيف البرنامج آنذاك الموسيقار المبدع إلياس الرحباني، كانت الحلقة تتضمن اختيار أغنية من أغاني فيروز، وانتقت السيدة أغنية (كان عندنا طاحون) غنتها للمرة الأولى بطبقة، وجدتها غير مناسبة لصوتها، وكان أداؤها رائعاً جداً، وصوتها كان يهزّ الشاشة، فقالت له: أنا أغنيها بطبقة أعلى، فقال لها غسان: غّنها بالطبقة الأعلى، فغنّتها، ثم قالت له: لا بل أغنيها بالطبقة الأعلى أيضاً، فسألها غسان: من أين أنت؟! فأجابته: من حلب! فوقف غسان على قدميه وحيّاها وحيّا حلب مدينة الطرب والغناء، وقال: لا أحد يعلو عليكم في الغناء والصوت الجميل يا أهل حلب!…. ثم أراد أن يقيم لها اختباراً موسيقياً على آلة الأورغ التي كان يعزف عليها، فدرجت معه السيدة الحلبيّة السلم الموسيقي درجة درجة حتى وصلت إلى درجة عالية جدا، فجحظت عينا إلياس الرحباني، وقال لها: ماهذا يافنانة؟! فما كان من غسّان إلا أن طلب من الكادر التقني بأن يعطوها رقمه الخاص لتتصل به في اليوم الثاني، قائلاً لها: قد لاتفوزين في البرنامج بسبب التصويت، ولكن من الضروري أن نقيم مشروعاً خاصاً يليق بنا وبحلب!.
دمعت عيناي حينها، لا لأنه ذكر مدينتي ولكن لأن الكثيرين من أبناء حلب من ذوي الأصوات الرائعة يستحقون بأن يكون لهم مستقبلهم الفني الذي ربما يضاهون به شهرة الكثير من الأصوات التي نسمعها اليوم.
شكراً لنقابة الفنانين ولرئيسها الأستاذ عبد الحليم حريري وكل المشتغلين معه من أجل نهضة فنية حلبيّة تهتز لها حلب!.
رقم العدد ١٦١٩٨