الجماهير / بقلم حميدي هلال
يبدو أن الحكومة حسمت أمرها أخيراً وبدأت بسحب البساط من تحت الدعم بشكل متدرج وعلى جرعات تتواءم مع طاقة التحمل لدى المواطن تفادياً للآثار الجانبية للعلاج بالصدمة.
فبعد تعديل سعر الخبز وبعض المشتقات النفطية تضع الحكومة عينها على مواد مدعومة أخرى في ظل التلميحات حول تعديل تعرفة الكهرباء وربما تليها المياه و الغاز المنزلي و قد يتعدى ذلك إلى مواد أساسية أخرى .
من حيث المبدأ فالحكومة ” معها حق ” وهذا يشير إلى قناعتها أخيراً بأن سياسة الدعم ” فاشلة ” لأنها تحولت من دعم المواطن البسيط إلى دعم المهربين وتجار الأزمة سواء كانوا مستوردين أو تجاراً أو أفراداً من خلال شراء المنتجات المدعومة وبيعها بأسعار أعلى في السوق السوداء وربما يتم تهريبها إلى خارج الحدود .
الأوساط الشعبية تتخوف اليوم ” ومعها حق ” من رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية دون تقديم مساعدات للمواطنين تخفف آثار ذلك ما من شأنه أن يقود البلاد إلى تأزم اجتماعي حيث يشكل الدعم الرافعة الأساسية لمعيشة السواد الأعظم من الشعب وخاصة شريحة العاملين في الدولة وسط تدهور اقتصادي حاد في البلاد وتراجع القوة الشرائية لدى المواطنين و ارتفاع سعر صرف الدولار إلى ما يقارب 2500 ليرة سورية في السوق السوداء.
مع العلم أن الشريحة الأكبر من العائلات السورية محاصرة بالفقر منذ بداية الأزمة وتكافح من أجل الضروريات العادية في حين أن معدل الفقر يزداد عاماً بعد آخر .
وقد أدى هذا الوضع إلى توقف عدد كبير من الشركات والمؤسسات عن الإنتاج وتصاعد معدلات البطالة وتراجع القدرات الشرائية مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة تتجاوز عشرات الأضعاف.
فيما ترتفع الأصوات المطالبة بضرورة اعتماد برنامج مساعدات لتمكين الأشخاص الأكثر فقراً من شراء المواد الأساسية مثل الخبز والأغذية والأدوية ومازوت التدفئة خلال فصل الشتاء.
وفي هذا السياق حث اقتصاديون على أن تكون المساعدة المالية المباشرة للمواطنين عبر تحويلات نقدية شهرية تبدو أكثر فاعلية بكثير من برنامج الدعم ، ذلك سيوفر الكثير من المال على الخزينة مع توفير وسائل للناس لشراء احتياجاتهم الأساسية .
ما نود قوله والتأكيد عليه: هو أن تتزامن قرارات التعديل في التشوهات السعرية – بحسب تعبير الحكومة – بالتوازي مع قرارات مماثلة في تعديل تشوهات دخل الفرد كنتيجة أوتوماتيكية وتلقائية وطبيعية لعدالة توزيع الوفورات المالية من رفع الدعم منعاً لخلق فجوة عميقة قد يهوي فيها المواطن على حين غفلة وذلك ما لا نرجوه وما لا تحمد عقباه .
رقم العدد ١٦٢١٧