الجماهير – وسام العلاش
يبدو أن الأمثال القديمة التي كانت تمر على مسامعنا لم يكن لها وقعٌ في أذاننا في الماضي لكن مع مرور الوقت والمعاناةعرفنا أن هذه الأمثال التي تكلم بها أجدادنا لم تكن عبثاً بل أصبحت تطبق اليوم بحذافيرها فالمثل القائل “خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود” بات الشعار المتعامل معه بدلاً من “اصرف مافي الجيب يأتيك مافي الغيب” فالجيوب باتت خاوية عند أول عشرة أيام من مطلع الشهر ولايعلم بالغيب إلا الله تعالى…
اعتادت الأسرة السورية عند قدوم الشتاء بأن تقوم ربة المنزل بتصنيف الألبسة الشتوية وفصل ماهو فائض لديهم ليتبرعوا به للعائلات ذات الدخل القليل والكثيري العدد أو للجمعيات الخيرية لكن هذا العام يبدو أن هذه الظاهرة قد خفّ تفاعلها ليس نقصاً في عمل الخير فالمجتمع السوري معروفٌ بكرمه ومساعدة الغير وإنما الضائقة الاقتصادية وارتفاع أسعار الملابس أدت إلى خفض نسبة هذه المبادرات ناهيك عن النوعية والجودة في الخيوط والأقمشة التي انخفضت نوعيتها مقارنةً بجودتها في الماضي فاكتناز قطعة ملابس من الجودة العالية بغض النظر عن أنها ذات موضة رائجة هذه الأيام فعملية الإنتاج بشكل عام أصبحت مكلفة بسبب الصعوبات التي تواجهها والقصة المكررة والمبررة لدى أصحاب المتاجر حفظناها عن ظهر قلب من انخفاض مستوى الطاقة الكهربائية والديزل وعقوبات اقتصادية المفروضة وانخفاض جودة الخيوط والأقمشة وغلاء المواد الأولية الداخلة في صناعتها وووو…
كل هذه الصعوبات تضاف تكلفتها أخيراً لقطعة اللباس المعروض في المتجر مع إضافة كرت السعر والذي يبدأ بعشرات الآلاف..
وهنا ليس على ربة المنزل أو المشتري إلا أن يجمع ملابسه من السنوات الماضية ويحضنهم بحنان وأن يستذكر أمثال أيام زمان ويطبقها في حياته.
وأخيراً ليس بوسعنا إلا أن ننظر للأمور التي تواجهنا بموضوعية وأن نقوم بإرجاع حساباتنا وإعادة تنظيمها في هذه الأيام العصيبة وطبعاً هذا لايمنع من فعل الخير ولو بجزء صغير فالأيادي البيضاء لاتزال موجودة ورحمة الله واسعة..
رقم العدد ١٦٢٤١