الجماهير / إبراهيم داود
استكمالا للموضوع السابق الجمال التاريخي حاضر البروفيسور نديم سراج الدين المغترب السوري في ألمانيا مدافعا أمام المحافل العالمية عن تاريخ البلد وآثارها في محاضرة في ريغنسبورغ بين فيها أن الآثار في كل بلد تعبر عن تاريخها وحضارتها والعناية بها تأخذ مسحة خيالية جمالية عريقة وتعتبر جزءا من روح وذاكرة الشعوب وبالتالي هم يساهمون في احترام الذات والهوية الوطنية لتلك الشعوب في كل بلد وتعتبر الآثار لأي بلد جزءا من تاريخ ثقافة وحضارة هذا الشعب لذلك يتم منحها قيمة عالية من الاهتمام والقدسية. والقيم الجمالية لهذه الآثار في حد ذاتها هي مجردة في الطبيعة ولا يمكن رؤيتها ولكن تصنف بالقيمة فلسفيا ويمكن تحديدها بشكل ملموس وهي ذاتية نسبية فمنهم من يصنفها من خلال الإجراءات والقرارات باعتبارها سلعة سياحية، وسواء كان الفهم للقيمة هذه عادلا” أو لا وجيدا” أو لا فسيتم الحكم عليه بشكل مختلف من وجهات نظر متعددة لأشخاص مختلفين وعلى سبيل المثال فإن العالم الغربي لديه تسلسل هرمي للقيم يأخذ فيه التعادل أو ادنى مكان يليه المقدس والصالح والتصحيح وأخيرا” يأتي الجمال باعتباره أعلى القيم وعلى هذا تعتبر الآثار في أعلى المراتب الجمالية .
والجمال ينسب كقيمة من قيم متعددة إلى القيم المثالية والميتافينرفية والرمزية ويشبه الجمال الانبهار وبالتالي يثير المشاعر بقوة . وبالعودة الى الاثار القديمة مثل الأكروبوليس في أثينا أو الأهرامات المصرية وأهمية الثقافات وبتطور الوعي الثقافي عالميا في الآونة الاخيرة أسست المحاكم الدولية لحماية هذه الأصول الثقافية المهتمة بالآثار .
ويعد تدمير الآثار كتماثيل بوذا في منطقة (باميجان) /افغانستان/ والآثار التدمرية في سورية ونهب المتاحف أمثلة على مناهضة الجماليات وبالتالي يتم انتهاك تاريخ الشعوب وحضاراتها وتقاليدها بشكل همجي عدواني وقد تؤثر على اهتزاز ثقة الناس بالنفس واحترام الذات .
إن طرح هنتغتون نظرية ((صراع الحضارات )) بعد انهيار الشيوعية السوفييتية , فإن ترامب بتهديده لدولة إيران وغيرها من الدول العريقة بحضارتها وجمال آثارها وبتدمير المواقع الثقافية والأثرية في برسيبوليس وقد حول الحرب السياسية إلى حرب ثقافية والجمال التاريخي الأثري يخاطب لغة الجانب الخاص الذي يتسم بانخفاض مستوى اللغة في النضال التاريخي من الأخلاقي إلى من سيكتب الجرائم وانتكاسات همجية والتحديث المطلق من الزمن الجميل .
في تاريخ البشرية على مدى السنين إن الجمال التاريخي هو خصلة جديدة من الفلسفة التاريخية عبر الحدود الدولية وإن مسؤوليتنا المشتركة هي الحفاظ على الآثار والتراث الثقافي العالمي ويأتي انتهاك هذا التراث بحاجة الى مقاضاة الشعور المناهض للجماليات في المحاكم الدولية تحت عنوان (( تاريخ العالم في محكمة عالمية)).
رقم العدد ١٦٢٤٧