الجماهير – عتاب ضويحي
السؤال عن الحال أول ما نوجهه للشخص عندما نلتقيه، والجواب البدهي المعتاد أنا بخير.
فهل نحن فعلا بخير؟ أم أنه وسيلة للهروب من الواقع، للهروب من داخلنا المتهالك، لذلك نتظاهر بأننا بخير فعلاً لنلقي بالحزن بعيداً ونختار الابتسامة لنرتديها قناعاً لمواجهة يوم طويل .
هل من المعقول أننا نخفي وراء هذه الصلابة داخلا هشاً، ونحاول بكل ما أوتينا من ضعف إظهار قوتنا، وبكل ما أوتينا من قوة تمادينا في ضعفنا؟.
قال جبران خليل جبران “لاتعش نصف حياة، ولا تمت نصف موت، لاتحلم نصف حلم، ولاتتعلق بنصف أمل، النصف هو أن تصل وأن لاتصل، أن تعمل وأن لاتعمل، أن تغيب وأن تحضر، النصف هو أنت عندما لاتكون أنت، أنت إنسان وجدت كي تعيش الحياة وليس كي تعيش نصف حياة “
هل نحن فعلاً بخير ونحن نعيش نصف حياة ونصف أمل ونصف حلم، نصف حضور ونصف غياب،وهل يكفي أن نكون على قيد الحياة، أو يجب أن نكون على قيد الأمل والحلم والتفاؤل.
عندما تريد أن تفهم نصاً مكتوباً فهماً عميقاً، عليك أن تقرأ مابين السطور، كذلك الأمر عندما تريد أن تفهم وتعرف من تتحدث معه، عليك الإلمام بلغة الجسد حتى تتمكن من بلورة صورة واضحة عنه، في لغة الجسد إذا كنت تتحدث في موضوع معين، وأصبحت عيناك تذهبان يميناً وشمالاً فجأة، وتتجنبان النظر إلى من أمامك فمعناه أنك تكذب، وحركة العين هذه اللاإرادية تحصل عندما لايؤيد العقل مايقوله اللسان.
ربما الكثير منا تفعل عيناه ذات الحركة في حال السؤال عن الحال، نبحث عن إجابة تواجه الذاكرة بواقع مناقض لها.
قد يكون أحدنا مثل المتنبي يصاحب حلمه، وآخر مثل دوستويفسكي يخاف أن يخبرنا بخير فنتمنى له دوامه فيخلد بؤسه، أو مثل كافكا متكئاً على حلمه، أو شبه بوكوفسكي يتأمل خيبته، وربما نكون مثل فيروز عندما غنت “لاقدرانة فل ولا قدرانة أبقى”.
ويبقى السؤال يبحث عن الإجابة هل نحن فعلا بخير !؟!.
رقم العدد 16254