بقلم محمد حنورة – رئيس التحرير
دأبت جوقة الاعلام الامريكي المستعربة وبكل جيشها من محللين وخبراء على تصوير تشكيل اللجنة الدستورية الخاصة بقرار مجلس الأمن 2254 على أنه انتصار للمحور المعادي لدمشق من معارضة وخونة وكل الدول التي تدعمها ، لكن الواقع ان تشكيل اللجنة ومن ثم صياغة دستور لسورية هو تحقيق لمطلب أساسي أكدت عليه الدولة السورية منذ بداية الحرب .
فقد دعت الدولة السورية خلال العام 2012 لمشاركة أطياف الشعب السوري من موالاة ومعارضة لصياغة دستور جديد ، لكن الدول الداعمة للحرب أمرت عملاءها بعدم المشاركة والمقاطعة وحتى رفض الدستور الجديد الذي استفتى عليه الشعب السوري وأصبح نافذاً بالعام 2012 ،ولم تستطع في حينها أي جهة صديقة أو معادية انتقاد الدستور الجديد ، بعد إدخال التعديلات على المواد التي أثارتها القوى المختلفة ولم يتوقف الأمر عند تعديل المواد بل تم إضافة مواد جديدة تواكب العصر والتغيرات التي تشهدها سورية بحيث لم يعد الدستور ومواده مجالاً للنقاش أو الغمز من قناة الدولة السورية ،لأنه بكل بساطة جاء ملبياً لكافة التطلعات والطروحات لدى الشعب السوري ،وبذلك سحبت الدولة السورية أي مبرر أو ذريعة أمام أعداء الوطن لاستغلالها من خلال الدستور السوري الجديد .
وبذلك فشل مخططو الحرب على سورية من تحقيق أهدافهم عبر الطرق السياسية ،فانتقلوا الى الحرب العسكرية مباشرة خلال العام 2013 وبعد سبع سنوات من الحرب وانتصار الدولة السورية بحربها واستعادة قسم كبير من أراضيها من قبضة الاٍرهاب ، بدأ المحور المعادي من التمني بأن ما لم يحصل عليه بالحرب سيحصل عليه بالسياسة كمحاولة أخيرة لهم .
وما يهم المحور المعادي أمرين أساسيين من الدستور المرتقب وهو نظام الحكم في سورية وقومية البلاد ، تحديد نظام الحكم سواء رئاسي أو برلماني وصلاحيات الرئيس،والثاني هو قومية الدولة مثل ( جمهورية سورية ،الاتحاد السوري ،الجمهورية العربية السورية ) أما بقية المواد فلن يختلف عليها أحد ، واللجنة تتكون من 150 عضوا منها 50 للدولة السورية ومثلهم للمعارضة وأما 50 المتبقية لشخصيات مستقلة ،وتحتاج هذه اللجنة الى 115 صوتا لإقرار أي مادة من الدستور ،أي لتوافق الموالاة مع المعارضة مع قسم من المستقلين لإقرارها وأي خلاف على اي مادة فإنه من المستحيل إقرارها اذا لم تحصل على عدد الأصوات المطلوب ،وهذا أمر يحسب إنجاز للدولة السورية خلال مفاوضاتها المكوكية ,بأنها لم تغادر صغيرة او كبيرة حتى تتأكد من الحفاظ على مصالح الشعب السوري .
وهذه رسالة قوية لأصحاب النزعة الانفصالية من الكرد بأن مرور أفكارهم وأهدافهم لن يكون سهلاً بل شبه مستحيل أن تتحقق أحلام الفيدرالية والحكم الذاتي وكل مشاريع الانفصال عن الأرض السورية ،إضافة الى فشل مساعيهم بنزع الصفة القومية للوطن السوري بأنه جزء من الأمة العربية ،لأن التمثيل الكردي في هذه اللجنة سواء من الدولة السورية أو من المعارضة أو ممن يمتلكون النزعة الانفصالية غير قادر على فرض هذه الأهداف لكي تصبح موعداً في دستور سورية القادم .
انخراط الدبلوماسية السورية والروسية وكذلك الإيرانية خلال الأعوام الثلاثة الماضية , بمفاوضات من أجل خفض التصعيد او ان تكون هذه المفاوضات ممراً لإعلان الهدنة تلو الاخرى مع الاحتلال التركي ومن خلفه الامريكي بل كانت لإزاحة المعوقات عن المسار السياسي الذي يسير جنباً الى جنب مع المسار العسكري في تحرير كل شبر من ارض سورية من الاٍرهاب وداعميه ،فالاتحاد الأوروبي ينتظر الحل السياسي وكذلك الصين ودول عدة ،والحل يتمثل بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 وإقرار الدستور بالاستفتاء عليه داخل وخارج سورية ،سيكون الورقة الرابحة بيد الحكومة السورية وكذلك الروسية والايرانية ،وستقول هذه الورقة بأن على كل الدول المؤثرة في الحرب على سورية الالتزام بدعم وتنفيذ الدستور السوري الذي توافق عليه الشعب السوري ، بخروج كافة القوى الأجنبية من سورية وان الدولة السورية واجب عليها فرض الأمن والأمان على كامل الارض السورية عبر القضاء على الاٍرهاب وسينص الدستور ان سورية واحدة موحدة تحت سلطة مركزية واحدة … الخ .
وعليه سيزداد زخم المسار السياسي قوة ولن يجد المحور المعادي اي مبرر او ذريعة للتهرب من استحقاقات الشعب السوري من انتخابات لبرلمانهم الجديد واختيار قيادته التي كفلها الدستور الجديد كما أقره قرار مجلس الأمن الدولي ووافقت عليه أمريكا وفرنسا وبريطانيا، فأي أنياب او مخالب ستبقى بيد المحور المعادي يمكن أن يستخدمها لإطالة أمد الحرب في سورية وخاصة أن الدستور سيأتي بعد ان عزز الجيش العربي السوري انتصاراته واقتلع أدوات الدول المعادية لسورية .
رقم العدد 16258