عم تكتب ؟!

الجماهير – بيانكا ماضيّة

للكتابة طقسٌ لابد من أن تتوافر فيه شموع الأفكار، وموسيقا الحروف، والنار المشتعلة للحنين .. فعم تريد أن تكتب؟! عن الحب؟! وأنت تشعر بأنه ينسلّ من بين أصابعك راغباً في إيجاد مخرج يتيح له التنفّس، ولو قليلاً، مما ضاق به من تفاصيلَ لا تمتّ إليه، ثم يعود لينوسَ ما بين عودة وهروب؟! وربما تتساءل: ما الذي يخنقه، وأنت الذي أهديته كل جوارحك وشهقاتك وزفراتك ووردة حمراء تليق بوجوده؟!
عم تكتب؟! عن الألم؟! وأنت الذي تتألم من كل دقيقة مرّت من دون أن يكون فيها طعمٌ للحياة؟! تستبشر بغدٍ يكون أحلى وأجمل وفي قرارة نفسك التشاؤم يملأ دنياك!
عم تكتب؟! عن الحنين للأيام التي كنت فيها إنساناً بكل معنى الكلمة دون أن يكون هناك مايعكّر صفوَ سلامك، وصحوتَ على واقعٍ مزرٍ لم تعد تعرف فيه كيف يكون التفكير بالماضي أم بالحاضر أم بالمستقبل؟! مكبّل أنت من رأسك حتى أخمص أحلامك، تسير بلا هدف، والأيام تتوالى والعمر يمضي، وماذا بعد؟! ماذا عليك أن تفعل؟!.
تغرق في التفاصيل التي كانت هامشاً على طريق حياتك..لم تكن لتعطيها ذرة اهتمام منك، وهاهي اليوم تشغل عالمك.. تغرق وتغرق وأنت تفكر بخلاص منها!
عم تكتب؟! عما في روحك من سلام يبتغي التحقق؟! فليكن، ارسم هذا السلام بالألوان التي تحبّ، ارسمه بدقة، ولاتدع حيزاً في هذه اللوحة التي أمامك إلا وتملؤها بفراشات مزهوة، وعصافير تزقزق، وشمس طالعة، وكوخ يحتوي كل آمالك وأحلامك ودنياك!.. هناك حيث لأفكارك التي تود كتابتها معنى التجسّد بعيداً عما يعكّر صفو تراتيلك التي ترغب أن ترتلها ذات مساء!.
رقم العدد 16275

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار