الجماهير – أسماء خيرو
ما الجدوى من إقامة الفعاليات الثقافية ؟ سؤال تم طرحه من أحد الأدباء المخضرمين في إحدى الندوات الأدبية على الحضور الذين لم يتجاوز عددهم أصابع اليد العشرة ، وبالطبع أنا كنت من بينهم أقوم بأداء واجبي الصحفي ، سؤال دعاني في تلك اللحظة إلى أن أذهب بفكري إلى الخيال كالأطفال لأصنع من مفهوم الجدوى إنساناً يحاورني وأحاوره محيلة مهمة الإصغاء ومعرفة الهدف من سؤال الأديب لبرنامج التسجيل في جهاز ” الموبايل “..
وعلى الفور دعوت مفهوم الجدوى ليجلس بجانبي في المقعد المفتقد للمثقف الذي منعته أسباب شتى من الحضور وإغناء فكره بما يطرح من ثروة معرفية .
في البداية مفهوم الجدوى تردد في تلبية الدعوة لأنه من البديهي أن ندرك أن جميع أعمالنا لابد لها من جدوى وإن لم تكن ظاهرة للعيان ، ولكن بعد إلحاح مرير استسلم لطلبي وقبل على مضض الجلوس بجانبي وفي حوار حول / ما / التي تنفي كل الفائدة من أي عمل نقوم به، قرر مفهوم الجدوى أن يستعرض برفقتي بعض مشاهد ليشير إلى الجدوى المفتقدة في عدد من الأعمال ، فالكلمة مع أنها تنتقد وتندد وتحتج على ما نراه في الواقع من تجاوزات إلا إنها لا تغير منه شيئاً، ولا نغالي إن قلنا أنها لم تعد تحرك ساكناً .
فعلى سبيل المثال مكنسة عامل النظافة مع أنها تجتهد بشكل يومي لتنظيف الشوارع والحارات ولكن إهمال المواطن يجعلها تستسلم فما يميز الشوارع تناثر القمامة هنا وهناك ، القرارات والإجراءات الاحترازية ضد فيروس كورونا تقف عاجزة أمام الزحام الذي نشهده في المواصلات العامة وطوابير الأفران فالمواطن غير مبالٍ بها وهو يعيش يومه بصعوبة ، زيادة الراتب أرهقها تجار الأزمة فكلما زاد الراتب تضاعفت الأسعار أضعافاً مضاعفة ” وكأنك يا أبو زيد ما غزيت ” ، الجمعيات الخيرية على كثرتها تثبت عدم نجاعة أعمالها الخيرية التي تقدمها للأسر المحتاجة أمام النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة الذين يفترشون الأرصفة بشكل يومي بحثاً عن لقمة العيش ، الرقابة التي همشها تجار الأزمة فلا ضبط ينفع ولا عقوبة تردع، مشكلة الخمسين ليرة التي ظن المواطن أنها تلاشت بزيادة التعرفة إلى ٧٥ ليرة سورية ولكن من الواضح أنها هي الأخرى أصابتها العدوى الخمسينية فالسائق مازال يقول ما في فراطة محتفظاً بالمئة ليرة سورية ، البطاقة الإلكترونية التي وصفت بـ ” الذكية ” والتي ادعت أنها الحل الأمثل للتخلص من مشكلة ندرة المحروقات والطوابير اللانهائية ومؤخرا الاتجار برغيف الخبز فإذا بها (زادت الطين بلة) فلا طوابير تلاشت ولا زحام خف ، ولا محروقات توفرت ، وقس على ما ذكر آنفا الكثير والكثير .
وأمام كل هذه المشاهد حق علينا أن نقول الغلبة اليوم لـ / ما / النافية وليس للجدوى التي أثبت الأديب بالبراهين والأدلة في ختام المحاضرة أن هناك جدوى من إقامة الفعاليات الثقافية ، فمتى يستيقظ الواقع ويقدم البراهين والأدلة لما النافية بأن هناك جدوى من جل أعماله ، وأنه آن لها بألا ترافقه أينما ذهب .
رقم العدد ١٦٢٨٠