افتتاحية العدد / بقلم محمد حنورة
عشر سنوات من الحرب على سورية والحكومات المتتالية خلالها, تتحدث وتعلن وتقرر وتنفذ وتقرب وتبعد مواعيد ، بلغتها ومصطلحاتها ومفرداتها التي تنتقيها من قاموسها الخاص ، وعلى المواطن أن يبحث عن من يشرح له المفردات ويعرّف له المصطلحات وإعراب الجمل المفيدة وتميزها بين الإسمية والفعلية ، فيلجأ إلى أصحاب الخبرة في الشارع أو في المقهى أو في مكان العمل وطبعاً لا يرتوي ظمأه المعرفي واللغوي من أصحاب الخبرة .
فيتوجه إلى الإعلام الحكومي والخاص وصفحات التواصل الاجتماعي عله يعثر على ضالته ، فيجد المحللين السياسيين والاقتصاديين وعلماء النفس والاجتماع وكل العلوم الإنسانية ,يخوضون بتحليلات وتوقعات ومبالغات وضياع للوقت دون العثور على ضالته .
والسبب بسيط جداً هو أن مراكز دعم القرار ومراكز الدراسات ومكتب الإحصاء المركزي والبيانات المالية والنقدية , لم تقم بنشر أي دراسة أو بيان في وسائل الإعلام الحكومي أو الخاص خلال سنوات الحرب وكل الارقام والبيانات تعود الى ما قبل الحرب ,إلا بعض المقالات والتي قام كتابها وبجهود شخصية للحصول على بعض الأرقام والبيانات .
و اليوم وبعد مرور أكثر من عام على تطبيق ” البطاقة الذكية ” والذي حصلت بموجبه الحكومة على كنز من الأرقام وإحصائيات بأدق التفاصيل عن المواطن السوري , بقيت هذه المعلومات حبيسة الأدراج وعندما تقوم وسيلة إعلامية باستضافة محلل اقتصادي ليتحدث عن قرار حكومي أو عن أزمة طارئة ,فهو لا يمتلك أي معلومات أو إحصاءات أو أرقام تساعده على الحديث بطريقة علمية وموضوعية, مما يعرضه للسخرية او اتهامه بانه منفصل عن الواقع او ضعفه بالإقناع ، وتكون الوسيلة الإعلامية والمحللون جزءاً من دعم القرارات الحكومية ، من ناحية الشرح والتفسير وحتى التبرير لتصل الرسالة بالطريقة الصحيحة .
فمنذ بداية الحرب على سورية لم تخرج أي إحصائية أو تقرير يتضمن بيانات وأرقاماً ومعلومات من ناحية عدد السكان أو اليد العاملة وسوق العمل أو مؤشرات اقتصادية من ناحية الإنتاج أو التصدير أو الاستيراد ومؤشرات اجتماعية عن حالة المجتمع السوري ، حتى نعرف إلى أين نسير في سورية في ظل مجتمع يقارع ظروف حرب لعشر سنوات وماهية الاقتصاد السوري خلال فترة الحرب .
فإذا كانت الحكومة تعتبر أن هذه المعلومات والبيانات والمؤشرات كنز من كنوزها فإن للمواطن الحق بالاطلاع والمشاركة في هذا الكنز ,ويكون للإعلام والمحللين والخبراء شيء يتحدثون عنه ,أي بالعامية “عطونا شي نحكي فيه .
رقم العدد 16299