الجماهير – عتاب ضويحي
شاء القدر أن يكون لي عمل ما في الجامعة، أشرت بيدي لسيارة الأجرة توقف السائق صعدت وقلت له “ع الجامعة لو سمحت” هز الرأس وقال “تكرمي”.
انطلق وبيده جهازه الخليوي ونظره محدق بالشاشة، المسافة بين دوار التلفون الهوائي والجامعة لا بأس بها، لكنها كانت من أصعب الطرق وكأنني أصعد جبال الألب وهي مكسوة بالثلج، محادثة واتساب يجريها السائق من لحظة صعودي للحظة هبوطي بالسلامة.
على ما يبدو أن الموضوع كان مهماً جداً، لأن السائق لم يكن يزيح نظره عن الشاشة إلا عندما يصل إشارة المرور طبعاً حتى لا يخالفه الشرطي، وعندما يراها في ثوانيها الأخيرة يضغط على البنزين وبأسرع من البرق يتجاوزها للضفة الأخرى، ويعاود محادثته بسلام.
فضولي دفعني أن أعرف ما الأمر لكن منعتني “من راقب الناس مات هماً” واستراق النظر على خصوصيات الآخرين عيب كبير.
أشحت بوجهي نحو النافذة حيناً وأراقب له الطريق حيناً أخرى، وأقرأ ماتيسر لي حفظه من الآيات والأدعية، إلى أن وصلت بخير حاسبته دون أن يجادلني أو أجادله فالمهم بالنسبة لي أني لم أصب بأي أذي أو يحصل لي حادث، وبالنسبة له متابعة محادثة الواتساب أهم بكثير من الأمور المادية، ومضى يكمل ما بدأه مع راكب جديد.
رغم الخوف الذي تملكني لكنني كنت مندهشة من إتقانه للسواقة أولاً ولخفته وسرعته بالكتابة على الهاتف ثانياً، ومن حسن حظه لأنه لم يقع بيد أي شرطي مرور حتى يخالفه على استخدام الهاتف الخليوي أثناء القيادة ثالثاً، لكن “مو كل مرة تسلم الجرة” !!!
رقم العدد 16302