الجماهير – بيانكا ماضيّة
رحيل المفكر والمناضل الكبير أنيس النقّاش ليس خسارة لسورية وحسب وإنما خسارة لمحور المقـ.اومة ككل، وللقضية الفلسطينية التي لم يحد عنها طيلة حياته.
مذ بدء الحرب على سورية كان شرفاء هذا الوطن يرون في تحليلاته السياسية أملاً في خلاص هذه الأرض ممن دمرها وقتل أبناءها وسرق ثرواتها..إذ كان يبث فينا روح المقـ.اومة والصمود، ويؤكد أن سورية لن تنتصر إلا بمقـ.اومتها لقوى الإرهاب، وأنها لابد من أن تنتصر..وهاهو اليوم يرحل وهو يودّع معشوقته دمشق التي لطالما دافع عنها حتى الصميم..
كانت تحليلاته تشي بفكر عميق يدرس الواقع السياسي بعقلانيّة ليقدم آراءه مشبعة بالغنى الفكري والسياسي، إذ كان باحثاً سياسياً من الطراز الرفيع، وقوي الحجة واسع المعرفة ومناضلاً وطنياً له غير موقف من المواقف التي تعبّر عن بطولته واندفاعه لصالح قضايا التحرر من نير العدو الصهيـ.وني. يقرن القول بالفعل والقوة وهي السبيل للتحرر.
خبراته الميدانيّة هي خبرات تراكمية عن الحرب اللبنانية والقضية الفلسطينية والثورة الإسلامية وغيرها وصولاً إلى حركات تحرر أمريكا اللاتينية فكيف لايدافع عن الحق أنى كان؟!.
كانت سورية تعني له الكثير، فهو كان يقضي جلّ وقته فيها، فلها مكانة كبيرة في قلبه، تعلّق بها تعلقه بالكرامة والعزة، ودافع عنها في الوقت الذي خذلها فيه الكثيرون. كان رمحاً عربياً، وبندقية عربية، ورصاصاً قاتلاً في صدر الأعداء، وتاريخاً من النضال أركانه: لا اعتراف، ولا تفاوض، ولا صلح، لتبقى فلسطين هي البوصلة، ولتبقى عينه على القدس التي لايدافع عن حقها إلا من امتلك فكراً ثاقباً، ورؤية نافذة، وموقفاً عروبياً قومياً لايحيد عن طريقه.
رحم الله أنيس النقاش، فالسوريون اليوم جميعهم يبكونه لأنه خسروا صوتاً مدافعاً عنهم، صوتاً قوياً يزلزل الفكر الآخر الذي لطالما حاربه النقاش حتى آخر رمق من حياته.
رقم العدد 16327