الجماهير – بيانكا ماضيّة
في الوقت الذي يتم فيه التحضير لورشة العمل التي تقيمها مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر لأجل التحوّل للإعلام الرقمي، وفي الوقت الذي مازال الكثيرون يفضّلون الصحف الورقية لأنها تشكّل أرشيفاً لايمكن محوه أو إزالته كما يحصل في الإعلام الإلكتروني، يبدو أن الأغلب الأعم استمرأ الإعلام الإلكتروني لأنه في متناول اليد، فليس هناك صعوبة في الحصول على الخبر أو التقرير أو المقال، فبلمسة واحدة تستطيع الدخول إلى الموقع الذي تريد وقراءة ماترغب في الحصول عليه من معلومات.
كنت أتواصل مع شاعر حلب الغنائي الأستاذ صفوح شغالة، وأطلب منه كتابة زاوية أسبوعية لصحيفة الجماهير، فسألني: الصحيفة ورقية أم إلكترونية؟! فأجبته: إلكترونية فلم تعد الجماهير صحيفة ورقية!، فقال: (أبو خيرية)!. ضحكت لجملته المحكيّة التي تعبر عن زوال همّ، وسألته لم قلت هذا؟! فأجاب: لأن النت أعطانا فرصة أكبر بكثير، وببلاش، ولم يعد هناك من يمسك الجريدة!.
صحيح أن الشبكة أعطت الفرصة الأكبر للتصفح والاطلاع، وبشكل مجاني إذ لم يعد المرء مضطراً لشراء الصحف والمجلات، فمن خلال مواقعها الإلكترونية تستطيع متابعتها، إلا أن للصحيفة الورقية نكهة تختلف عن نكهة الصحيفة الإلكترونية، وأشعر أن الصحف بشكلها الورقي هو الذي يعطيها هويتها، وهو الذي يحفظ ويؤرشف ماينشر فيها من أخبار ومواضيع ومقالات ومعلومات بشكل ملموس تستطيع تخزينه والعودة إليه في أي وقت. وعلى الرغم من أن الإعلام الإلكتروني قد حقق قفزة نوعية في السرعة والانتشار، إذ أصبح مصدر الحدث، إلا أن لهذا الإعلام عيوبه أيضاً وتكمن في المصداقية التي تشكّل الميزة الأهم في الإعلام، إذ تورّط الإعلام الإلكتروني في نشر الشائعات والأخبار غير الصحيحة، كما أنه يفتقر لجودة الأداء المهني، ورغم هذا فإن الكثيرين يفضّلون الحصول على المعلومة السريعة والمختصرة من وسائل الإعلام الإلكترونية ومن مواقع التواصل الاجتماعي..
الصحافة الورقيّة تندثر أمام تقدم الصحافة الإلكترونية، فلكل عصر مزاياه ومواكبته للتطور والسرعة، إلا أن الصحافة الورقية من وجهة نظري لها شكلها ومضمونها المختلفان نوعاً ما عن شكل ومضمون الصحافة الإلكترونية، ولها نكهتها التي لاتشبه بالمطلق نكهة الصحافة الإلكترونية.
رقم العدد ١٦٣٤١