الجماهير- بيانكا ماضيّة
“راهبة في محراب الفن” ” اليمامة الميادة” “أيقونة الغناء الحلبي” “السنديانة الشامخة” وغيرها من أوصاف أطلقها محبّو الفنانة الأصيلة ميادة بسيليس، وهم يودّعونها بكثير من المحبة لما لمسوه من قيم فنيّة وإنسانيّة من هذه الفنانة التي عشقت الوطن وأعطت كل مالديها من فنّ له.
الأصالة والوداعة والإحساس الرهيف والتمسك بالأصالة والتراث كانت من أهم مايميز الفنانة الحلبيّة ميادة، إضافة إلى الرقي والإبداع في تقديم الفنّ في الوقت الذي نلمس فيه الكثير من الانحطاط الفنّي عربياً وعالمياً.
خسرت حلب بل خسرت سورية صوتاً لطالما صدح بالأغاني الجميلة التي تفاعل معها متلقّوها المحبّون بكثير من طرب، “ياقاتلي بالهجر” “سليمى” “كذبك حلو” “ياطيوب” وغيرها من أغان جعلت الكثيرين يرنّمونها بإعجاب بالكلمات والألحان، وهاهم اليوم يودّعونها مستذكرين “مافي مستاهل مافي شي حرزان” كأنها جملة الوداع التي تقولها ميادة على حياة لم نعرف كيف نعيشها!.
ميادة بسيليس الفنانة الأصيلة المحبة لوطنها كانت أيقونة حلبيّة بحق، قدمت نموذجاً للفن الحديث الراقي مع زوجها الموسيقار سمير كويفاتي، فصنعا أنموذجاً ثنائيّاً جميلاً ناجحاً، ألحاناً وكلمات وأداء، وقدّما هوية خاصة لمشروعهم الفني بإنجاز أغنية رهيفة استساغها الجمهور السوري والعربي.
وهكذا كان للصوت الحلبي الأنثوي الذي مثّلته ميادة مكانة مرموقة في الفن السوري، لما امتلك من ذوق رفيع وطيبة ووداعة وحضور لافت بالإضافة إلى إحساس مرهف وشخصية مؤثرة فناً وإنسانياً وإبداعاً.
اليوم تودعّ سورية كلها ميادة بسيليس بكثير من حزن، لكن عشق أهل حلب لها يجعلهم يندبونها بألم وحرقة، إذ سيفتقدونها، ستفتقدها حجارة القلعة، وشوارع حلب، وأجراس الكنائس، وفضاء حلب الذي لطالما صدح فيه صوتها عبر عقود من الزمن..
رحم الله ميادة بسيليس وتعازينا الحارة لزوجها الفنان سمير كويفاتي ولعائلتها ومحبّيها جميعهم، وجعل روحها في ملكوت السموات…. نعم “مافي شي مستاهل.. مافي شي حرزان”.
رقم العدد 16349
.